السعادة الزوجية ليست حكراً على المناسبات الخاصة أو الهدايا الباهظة الثمن، بل تتجلى في تفاصيل الحياة اليومية. د. لمى الصفدي، استشارية نفسية وأسرية، أكدت في تصريحات لها اليوم، 16 نوفمبر 2025، على أن بناء السعادة الزوجية يعتمد بشكل كبير على العادات البسيطة والحوار المفتوح والصريح بين الزوجين. وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العديد من الدول العربية ارتفاعاً في معدلات الطلاق، ما يبرز أهمية التركيز على الجوانب الوقائية للعلاقات الزوجية.
أكدت د. الصفدي أن تحقيق السعادة الزوجية يتطلب جهداً مستمراً وتعمداً في تطبيق سلوكيات إيجابية، وأن هذه العادات لا تتطلب وقتاً طويلاً أو ميزانية كبيرة. وتشير الإحصائيات المحلية إلى أن غالبية الأزواج الذين يسعون للحصول على استشارات زوجية يعانون من نقص في التواصل الفعال وتراكم المشاعر السلبية، مما يؤثر سلباً على جودة حياتهم الزوجية.
عادات يومية تعزز السعادة الزوجية
وكشفت د. الصفدي أن من بين أهم العادات التي تساهم في تعزيز السعادة الزوجية، تخصيص وقت يومي للحوار غير الرسمي، بعيداً عن مناقشة المشاكل أو الأمور المتعلقة بالمنزل والأطفال. هذا الوقت المخصص يمكن أن يكون مجرد تبادل لأخبار اليوم، أو مشاركة اهتمامات شخصية، أو حتى الاستماع بإنصات للطرف الآخر.
أهمية التواصل الفعال
التواصل الفعال لا يقتصر على الحديث، بل يشمل أيضاً القدرة على الاستماع الجيد والتعبير عن المشاعر بصدق واحترام. وفقاً لدراسة حديثة نشرتها مجلة علم النفس الأسري، فإن الأزواج الذين يتبادلون المدح والتقدير بشكل منتظم يتمتعون بمستويات أعلى من الرضا الزوجي.
إضافة إلى ذلك، يجب على الزوجين تعلم كيفية التعامل مع الخلافات بطريقة صحية وبناءة. فالاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي، بل قد يكون مؤشراً على صحة العلاقة، طالما أن النقاش يتم بأسلوب متحضر ومحترم.
الخلافات الصحية مقابل الصمت العقابي
توضح د. الصفدي أن الخلافات الصحية، التي تتميز بالاحترام المتبادل والبحث عن حلول مشتركة، تعتبر فرصة لتقوية العلاقة وتعزيز التفاهم بين الزوجين. ومع ذلك، يحذر الخبراء من خطر الصمت العقابي، وهو الامتناع عن التواصل كوسيلة للتعبير عن الغضب أو الإحباط، والذي يمكن أن يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية وتدهور العلاقة بشكل كبير.
وفسّرت أن الصمت العقابي يمكن أن يخلق حاجزاً عاطفياً بين الزوجين، ويؤدي إلى فقدان الثقة والاحترام المتبادل. وترى أن معالجة المشاعر السلبية والتعبير عنها بطريقة صحية هو أمر ضروري للحفاظ على صحة العلاقة الزوجية. كما أن وجود علاقات اجتماعية قوية مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يوفر دعماً عاطفياً إضافياً للأزواج، ويساعدهم على التغلب على التحديات.
بالإضافة إلى التواصل، تلعب الأفعال الصغيرة اليومية دوراً كبيراً في بناء السعادة الزوجية، مثل تقديم المساعدة في الأعمال المنزلية، أو إعداد وجبة مفضلة للشريك، أو مجرد التعبير عن الحب والتقدير من خلال لمسة أو كلمة طيبة. هذه الأفعال البسيطة تعزز الشعور بالارتباط والتقدير المتبادل، وتساهم في خلق جو من الدفء والمحبة في المنزل. وتشير دراسات في علم النفس الإيجابي إلى أن ممارسة الامتنان بشكل منتظم يمكن أن يزيد من مستويات السعادة والرضا في الحياة بشكل عام، بما في ذلك الحياة الزوجية.
وعلى الرغم من أهمية العادات اليومية، تؤكد د. الصفدي على ضرورة تخصيص وقت للأنشطة المشتركة التي يستمتع بها الزوجان، مثل الخروج في نزهات، أو ممارسة هوايات مشتركة، أو السفر. هذه الأنشطة تعزز الشعور بالمرح والبهجة، وتخلق ذكريات جميلة تدوم طويلاً.
وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن الاهتمام بالتنمية الشخصية لكل من الزوجين يلعب دوراً هاماً في تعزيز السعادة الزوجية. فالشخص الذي يشعر بالرضا عن نفسه وإنجازاته يكون أكثر قدرة على تقديم الحب والدعم لشريكه، وعلى التعامل مع التحديات بشكل إيجابي. كما أن التركيز على الجوانب الروحية والعاطفية في العلاقة يمكن أن يعزز الشعور بالارتباط العميق والتفاهم المتبادل.
من الجدير بالذكر أن السعادة الزوجية لا تعني غياب المشاكل تماماً، بل تعني القدرة على التعامل معها بشكل فعال وبناء، والتعلم منها. وتشير التوقعات إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تخطط لإطلاق حملة توعية واسعة النطاق في بداية العام القادم، تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية العلاقات الأسرية وتقديم الدعم للأزواج الذين يواجهون صعوبات.
سيتم في الأشهر القليلة القادمة تقييم أثر هذه الاستشارات على معدلات الطلاق، وستنظر الوزارة في إمكانية توسيع نطاق البرنامج ليشمل فئات أوسع من المجتمع. ومع ذلك، لا يزال من غير المؤكد مدى فعالية هذه الجهود في تغيير السلوكيات وأنماط التفكير لدى الأزواج، الأمر الذي يتطلب متابعة دقيقة وتقييم مستمر.

