أظهرت دراسة حديثة أن مرضى السكري من النوع الثاني الذين يتناولون أدوية تحاكي هرمون GLP-1 قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسعال المزمن مقارنة بأولئك الذين يستخدمون علاجات أخرى لمرض السكري. وقد أجريت الدراسة على بيانات واسعة النطاق من الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول الآثار الجانبية المحتملة لهذه الأدوية الشائعة. تعتبر هذه النتائج مهمة بشكل خاص مع تزايد شعبية أدوية GLP-1 في إدارة الوزن أيضًا.
وتشير الدراسة، التي نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية لطب الأنف والأذن والحنجرة، إلى أن هناك زيادة في خطر الإصابة بالسعال المستمر لأكثر من شهرين خلال خمس سنوات من بدء العلاج بأدوية GLP-1. وقد تم تحليل بيانات أكثر من مليوني شخص مصاب بالسكري من النوع الثاني، بما في ذلك أكثر من 400 ألف يتلقون علاجًا يعتمد على GLP-1.
أدوية GLP-1 والسعال المزمن: ما الذي كشفته الدراسة؟
وفقًا للباحثين، فإن أدوية GLP-1 تعمل عن طريق التأثير على مستقبلات هرمون GLP-1 في البنكرياس، مما يعزز إفراز الإنسولين استجابة لارتفاع مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، تبطئ هذه الأدوية عملية إفراغ المعدة وتقلل من الشهية، وهي خصائص تجعلها مفيدة في إدارة الوزن.
أظهرت التحليلات أن احتمال الإصابة بالسعال المزمن كان أعلى بنسبة 12% لدى المرضى الذين يتناولون أدوية GLP-1 مقارنة بأولئك الذين يستخدمون علاجات أخرى للسكري. هذه النسبة المئوية تشير إلى وجود ارتباط إحصائي، ولكنها لا تثبت بالضرورة علاقة سببية مباشرة.
آلية التأثير المحتملة
يعتقد الباحثون أن تباطؤ عملية الهضم، وهو أحد الآثار الجانبية المعروفة لأدوية GLP-1، قد يلعب دورًا في زيادة خطر السعال. يمكن أن يؤدي هذا التباطؤ إلى تفاقم ارتجاع المريء، وهو حالة شائعة يمكن أن تسبب تهيج الحلق والسعال.
ومع ذلك، لفتت الدراسة إلى أن الارتباط بين أدوية GLP-1 والسعال ظل موجودًا حتى في المرضى الذين لم يعانوا من أعراض ارتجاع المريء. وهذا يشير إلى أن هناك آليات أخرى قد تكون مسؤولة عن هذا التأثير الجانبي المحتمل، مثل تأثير الأدوية على الأعصاب في الجهاز التنفسي.
تأثيرات أوسع وأدوية أخرى للسكري
تعتبر أدوية GLP-1، مثل سيماجلوتايد (المكون الرئيسي في أوزمبيك)، من بين الأدوية الأكثر استخدامًا لعلاج السكري من النوع الثاني. وقد اكتسبت هذه الأدوية شعبية متزايدة أيضًا في مجال إدارة الوزن، حيث تساعد على تقليل الشهية وتعزيز فقدان الوزن.
بالإضافة إلى أدوية GLP-1، هناك فئات أخرى من الأدوية المستخدمة لعلاج السكري من النوع الثاني، مثل الميتفورمين والسلفونيل يوريا. لم تظهر الدراسات السابقة ارتباطًا كبيرًا بين هذه الأدوية والسعال المزمن.
في سياق ذي صلة، أصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا إرشاداتها الأولى بشأن استخدام أدوية GLP-1 لعلاج السمنة، مما يعكس الاعتراف المتزايد بفعالية هذه الأدوية في إدارة الوزن. ومع ذلك، تؤكد المنظمة على أهمية مراقبة الآثار الجانبية المحتملة.
توصيات للأطباء والمرضى
يوصي الباحثون الأطباء بأخذ هذا الارتباط المحتمل في الاعتبار عند تشخيص حالات السعال المزمن، خاصةً لدى المرضى الذين يتناولون أدوية GLP-1. ويجب على الأطباء الاستفسار عن استخدام هذه الأدوية كجزء من التاريخ الطبي للمريض.
بالنسبة للمرضى الذين يعانون من السعال المزمن أثناء تناول أدوية GLP-1، يجب عليهم التحدث مع طبيبهم لتقييم الأسباب المحتملة وتحديد أفضل مسار للعلاج. قد يشمل ذلك تعديل جرعة الدواء أو التبديل إلى علاج بديل.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة تظهر ارتباطًا وليس علاقة سببية. هذا يعني أن أدوية GLP-1 قد لا تكون السبب المباشر للسعال المزمن، ولكنها قد تزيد من خطر الإصابة به.
الخطوات التالية والمستقبل
تخطط فرق البحث لمواصلة دراسة العلاقة بين أدوية GLP-1 والسعال المزمن من خلال إجراء المزيد من الدراسات التي تركز على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا الارتباط. من المتوقع أن تتوفر نتائج إضافية في غضون عامين.
سيراقب الخبراء أيضًا بيانات السلامة المستمرة من الاستخدام السريري الواسع النطاق لأدوية GLP-1 لتحديد ما إذا كان هناك أي اتجاهات جديدة تتعلق بالسعال أو غيرها من الآثار الجانبية. من الضروري أن يظل الأطباء والمرضى على اطلاع بأحدث المعلومات حول هذه الأدوية.

