أصبحت الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين، ولكن تأثيرها على صحة الأطفال النفسية والجسدية يثير قلقًا متزايدًا. حذرت الاستشارية النفسية والأسرية لمى الصفدي من المخاطر المرتبطة بامتلاك الأطفال للهواتف الذكية قبل سن الثانية عشرة، مشيرةً إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بالسمنة واضطرابات النوم. هذا التحذير يأتي في ظل تزايد استخدام الأطفال للأجهزة الذكية في وقت مبكر من حياتهم.
أدلت الصفدي بتصريحاتها في الثاني من ديسمبر 2025، مؤكدةً أن الساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال أمام الشاشات، بالإضافة إلى تأثير الضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة، يمكن أن يعطل إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم. هذا الأمر يفاقم مشكلة قلة النوم، والتي بدورها تؤثر سلبًا على النمو البدني والعقلي للأطفال.
تأثير الهواتف الذكية على الصحة النفسية للأطفال
لا يقتصر تأثير الهواتف الذكية على الجانب الجسدي فحسب، بل يمتد ليشمل الصحة النفسية للأطفال. تشير الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية قد يزيد من خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين. يعود ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك التعرض للتنمر الإلكتروني، والمقارنة الاجتماعية السلبية، والشعور بالعزلة.
التنمر الإلكتروني والضغط الاجتماعي
يشكل التنمر الإلكتروني تهديدًا كبيرًا للأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية. يمكن أن يتسبب التنمر عبر الإنترنت في أضرار نفسية عميقة، مثل تدني احترام الذات، والشعور بالخوف والقلق، وحتى التفكير في الانتحار. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال ضغوطًا اجتماعية كبيرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشعرون بالحاجة إلى الحصول على عدد كبير من الإعجابات والمتابعين.
اضطرابات النوم وتأثيرها على المزاج
كما ذكرت الصفدي، يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف الذكية على إنتاج هرمون الميلاتونين، مما يؤدي إلى اضطرابات النوم. قلة النوم تؤثر بشكل مباشر على المزاج والسلوك، وتزيد من خطر الإصابة بتقلبات المزاج والغضب والتهيج. استخدام الهاتف قبل النوم يعيق عملية الاسترخاء ويجعل من الصعب على الأطفال النوم بشكل جيد.
الآثار الجسدية لـالهواتف الذكية على الأطفال
بالإضافة إلى المشاكل النفسية، تسبب الهواتف الذكية أيضًا عددًا من المشاكل الجسدية للأطفال. أحد أبرز هذه المشاكل هو السمنة، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقلة النشاط البدني وزيادة استهلاك الأطعمة غير الصحية أثناء استخدام الهاتف.
السمنة وقلة النشاط البدني
يقضي الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية وقتًا أطول في الجلوس وقلة الحركة، مما يقلل من فرص ممارسة الرياضة والنشاط البدني. هذا النمط من الحياة يزيد من خطر الإصابة بالسمنة، والتي بدورها تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
مشاكل في الرؤية والوضعية
الاستخدام المطول للهواتف الذكية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل في الرؤية، مثل إجهاد العين وقصر النظر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الجلوس بوضعية غير صحيحة أثناء استخدام الهاتف إلى آلام في الرقبة والظهر والكتفين. الأجهزة الذكية تتطلب وعيًا بوضعية الجسم المناسبة.
تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن التعرض المبكر للشاشات قد يؤثر على نمو الدماغ لدى الأطفال الصغار، مما يؤثر على قدرتهم على التركيز والانتباه والتعلم. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لتأكيد هذه النتائج.
التعرض المبكر للتكنولوجيا، بما في ذلك الهواتف الذكية، يثير تساؤلات حول تأثيره على التطور الاجتماعي والعاطفي للأطفال. قد يؤدي قضاء وقت طويل على الهواتف الذكية إلى تقليل فرص التفاعل الاجتماعي المباشر مع الأقران والعائلة، مما يؤثر على قدرتهم على تطوير مهارات التواصل والتعاون.
وزارة الصحة تعمل حاليًا على تطوير إرشادات حول الاستخدام الآمن للهواتف الذكية للأطفال، والتي من المتوقع أن يتم نشرها بحلول نهاية عام 2026. تتضمن هذه الإرشادات توصيات بشأن المدة الزمنية المسموح بها لاستخدام الهواتف الذكية، وأنواع المحتوى المناسب للأطفال، وأهمية الإشراف الأبوي.
من المهم ملاحظة أن تأثير الهواتف الذكية على الأطفال يختلف باختلاف العمر والشخصية والظروف الاجتماعية. لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، ويتطلب الأمر اتباع نهج فردي يأخذ في الاعتبار احتياجات كل طفل. المراقبة المستمرة والتواصل المفتوح مع الأطفال حول مخاطر وفوائد استخدام الهواتف الذكية أمر ضروري لضمان صحتهم وسلامتهم.

