أظهرت دراسة حديثة أن النساء المصابات بـسكري الحمل يمكنهن تقليل خطر إنجاب أطفال بوزن كبير عند الولادة، وذلك من خلال استخدام أجهزة مراقبة الجلوكوز بشكل مستمر. هذه التقنية الجديدة قد تساعد في تحسين إدارة المرض وتقليل المضاعفات المحتملة للأم والجنين. نتائج الدراسة، التي أجريت على 375 امرأة، تمثل خطوة مهمة في رعاية صحة الأم والجنين.
نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة “لانسيت للسكري والغدد الصماء” المرموقة، وأجريت في عدة مراكز طبية في النمسا. وقد سلطت الدراسة الضوء على فعالية المراقبة المستمرة للجلوكوز مقارنة بالطرق التقليدية لفحص السكر في الدم.
فوائد المراقبة المستمرة للجلوكوز في حالات سكري الحمل
سكري الحمل، كما هو معروف، هو حالة طبية مؤقتة تحدث أثناء الحمل وتتميز بارتفاع مستويات السكر في الدم. قد تؤدي هذه الحالة إلى مشاكل صحية لكل من الأم والجنين، بما في ذلك زيادة خطر الولادة القيصرية، وانخفاض سكر الدم عند الوليد، وزيادة الوزن عند الولادة.
في هذه الدراسة، تم تقسيم النساء المصابات بسكري الحمل إلى مجموعتين بشكل عشوائي. تلقت إحدى المجموعات جهاز مراقبة الجلوكوز المستمر من شركة ديكسكوم، بينما استخدمت المجموعة الأخرى طريقة وخز الأصبع التقليدية لقياس مستويات السكر في الدم بشكل متقطع. تهدف الدراسة إلى تحديد أي من الطريقتين أكثر فعالية في التحكم في مستويات الجلوكوز وتقليل خطر ولادة أطفال ذوي وزن كبير.
انخفاض معدلات الأطفال ذوي الوزن الكبير
أظهرت النتائج أن نسبة النساء اللاتي أنجبن أطفالًا بوزن أكبر من المعتاد كانت أقل بشكل ملحوظ في المجموعة التي استخدمت جهاز المراقبة المستمرة للجلوكوز. فقد كانت النسبة 4٪ في هذه المجموعة، مقارنة بـ 10٪ في مجموعة وخز الإصبع. هذا يشير بقوة إلى أن المراقبة المستمرة للجلوكوز تساهم في تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم وبالتالي تقليل خطر نمو الجنين المفرط.
بالإضافة إلى ذلك، كان متوسط وزن الأطفال عند الولادة أقل أيضًا في المجموعة التي تلقت جهاز المراقبة المستمرة. وهذا يدعم فكرة أن هذه التقنية تساعد في الحفاظ على نمو صحي للجنين. قد يكون هذا له آثار طويلة الأجل على صحة الطفل، حيث أن الوزن الزائد عند الولادة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض التمثيل الغذائي في وقت لاحق من الحياة.
يسمح الجهاز، الذي يوضع تحت الجلد، للمريضات بمراقبة مستويات السكر في الدم بشكل مستمر وفي الوقت الفعلي. هذه المعلومات تمكنهن من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن نظامهن الغذائي وممارسة الرياضة، أو حتى تعديل جرعات الأنسولين إذا لزم الأمر، بالتعاون مع أخصائي الرعاية الصحية. هذا النهج الاستباقي لإدارة سكري الحمل يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحة الأم والجنين.
تشير الدراسات إلى أن إدارة الحمل والسكري تتطلب مراقبة دقيقة وتعديلات مستمرة في نمط الحياة. المراقبة المستمرة للجلوكوز توفر بيانات أكثر تفصيلاً من قياسات السكر في الدم المتقطعة، مما يسمح للأطباء والمرضى بتحديد الاتجاهات والأنماط التي قد لا تكون واضحة بخلاف ذلك. هذه المعلومات يمكن أن تكون حيوية في تحسين نتائج الحمل.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة ليست سوى خطوة واحدة في فهم دور التكنولوجيا في إدارة سكري الحمل. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد أفضل الممارسات لاستخدام هذه الأجهزة وكيفية دمجها في خطط الرعاية القياسية للحوامل المصابات بالسكري.
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، صرح الدكتور كريستيان جوبل، قائد الدراسة من المستشفى الجامعي لجامعة فيينا الطبية، أن المراقبة المستمرة للجلوكوز تمكن النساء من إجراء تعديلات دقيقة على نمط حياتهن أو علاج الأنسولين بناءً على البيانات في الوقت الفعلي. هذا يمكن أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة في مسار الحمل.
من المتوقع أن يناقش خبراء الرعاية الصحية هذه النتائج لتقييم إمكانية دمج المراقبة المستمرة للجلوكوز في الإرشادات السريرية لإدارة سكري الحمل. قد يشمل ذلك تحديد الفئات الفرعية من النساء الحوامل اللاتي قد يستفدن بشكل خاص من هذه التقنية. سيراقب الباحثون أيضًا عن كثب أي آثار طويلة الأجل على صحة الأطفال المولودين لأمهات استخدمن المراقبة المستمرة للجلوكوز أثناء الحمل.

