أوقفت طبيبة عامة في المملكة المتحدة عن العمل لمدة خمسة أشهر بعد قيامها بتدوين موعدين وهميين في نهاية يوم عملها لتجنب التأخر في اصطحاب أطفالها. وتأتي هذه الحادثة في وقت يشهد فيه القطاع الصحي البريطاني نقصاً حاداً في الأطباء، مما أثار جدلاً واسعاً حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية للعاملين في المجال الطبي، وضرورة إجراء إصلاحات لدعمهم. هذه القضية تسلط الضوء على تحديات الطبيبات العاملات في المملكة المتحدة.
أزمة التوازن بين العمل والحياة الشخصية تؤدي لإيقاف عمل طبيبة
تتعلق القضية بالطبيبة هيلين أيزنهاور، البالغة من العمر 43 عاماً، والتي كانت تعمل في مركز ستينهوز الطبي في أرنولد، إنجلترا. واعترفت أيزنهاور في جلسة تحقيق حديثة بأنها كانت “تشعر بخجل شديد” من سلوكها، وأقرت بأنها واجهت صعوبة في الموازنة بين مسؤولياتها العائلية والشخصية ومهامها المهنية.
وقد أشارت إلى أنها كانت تعاني من الحرمان من النوم في الوقت الذي أضافت فيه الموعدين الوهميين إلى جدولها. وأضافت أنها لم تتمكن من ترتيب رعاية مناسبة لأطفالها في ذلك اليوم، وكانت بحاجة إلى اصطحابهم قبل الساعة السادسة مساءً، خوفاً من أن يؤدي استقبال المزيد من المرضى إلى مغادرتها العيادة بعد هذا الموعد.
الكشف عن المخالفة والإجراءات التأديبية
تم الكشف عن المخالفة من قبل أحد شركاء المركز الطبي، الذي لاحظ وجود تناقضات في جدول عمل أيزنهاور وواجهها بشأن ذلك. بعد ذلك، أبلغت الطبيبة بنفسها المجلس الطبي العام في المملكة المتحدة، وهو هيئة تنظيمية مسؤولة عن ضمان معايير ممارسة المهنة.
خلال جلسة التحقيق، أوضحت أيزنهاور أنها “تشعر بخجل شديد ومصممة على عدم المساس بالمهنة الطبية أو نفسها مرة أخرى”. ومع ذلك، قررت اللجنة التأديبية إيقافها عن العمل لمدة خمسة أشهر، معلنة أن سلوكها يظهر “إهمالاً متهوراً لسلامة المرضى ومعايير المهنة”.
نقص الأطباء وتأثيره على الخدمة الصحية
تأتي هذه العقوبة في وقت يشهد فيه النظام الصحي البريطاني ضغوطاً متزايدة بسبب النقص الحاد في عدد الأطباء. تشير البيانات الصادرة عن “ذا تايمز” إلى أن أكثر من خُمس البريطانيين الذين حجزوا موعدًا لرؤية طبيب عام في نوفمبر اضطروا للانتظار أسبوعين على الأقل، بينما اضطر 7.5% من المرضى للانتظار شهرًا أو أكثر.
وتقدر أيزنهاور دخلها السنوي بحوالي 60 ألف جنيه إسترليني (حوالي 80 ألف دولار أمريكي)، على الرغم من أنها تعمل بدوام جزئي. وهذا يعزز المخاوف من أن الضغوط المهنية قد تدفع الأطباء إلى اتخاذ قرارات غير سليمة.
دعم واسع للطبيبة ودعوات لإصلاح النظام
أثارت القضية موجة من الدعم للطبيبة أيزنهاور، حيث أعرب العديد من الأمهات عن تعاطفهن معها، قائلين إن وضعها يعكس الحاجة الملحة إلى إصلاحات تهدف إلى دعم الأمهات العاملات في القطاع الصحي.
على سبيل المثال، علقت إحدى الداعمات على صفحة “ذا تايمز” على فيسبوك قائلة: “من المؤسف أن نظامنا يدفع العاملين الأساسيين إلى هذه الحدود القصوى. ربما من الأفضل أن نسأل كيف يمكن أن يكون النظام أكثر مرونة، وهل ندمر خدمتنا الصحية”. ووافقت أخرى على أن “المشكلة الحقيقية هنا ليست أنها فعلت ذلك، بل كان عليها أن تفعل ذلك.”
بالإضافة إلى ذلك، أثار الحادث نقاشًا حول عبء العمل المتزايد على الأطباء، وأهمية توفير بيئة عمل صحية تدعم الصحة النفسية للعاملين في المجال الطبي. ويرى البعض أن العقوبة الصارمة غير متناسبة مع المخالفة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع الصحي.
من المتوقع أن يتم النظر في استئناف أيزنهاور على قرار الإيقاف في الأيام القادمة. وسيراقب المراقبون عن كثب نتائج الاستئناف، وكيف سيؤثر ذلك على السياسات المتعلقة بدعم الأطباء العاملين وأولويات النظام الصحي البريطاني بشكل عام. تبقى التحديات المتعلقة بتوفير رعاية صحية عالية الجودة مع ضمان رفاهية العاملين في القطاع قائمة وضرورية لمعالجة.

