اكتشف فريق من الباحثين في إسرائيل تمثالاً طينيًا صغيرًا، يعود تاريخه إلى حوالي 12 ألف عام، يصور على ما يبدو إوزة في وضع حميمي مع امرأة. وقد أثار هذا الاكتشاف، الذي عُثر عليه في موقع “ناحال عين جيف 2” شمالي إسرائيل، جدلاً واسعًا حول معناه وأصله الثقافي، مما يعيد النظر في فهمنا للحياة الاجتماعية والفنية في العصر الحجري الحديث. يثير التمثال الطيني تساؤلات حول المعتقدات والممارسات القديمة.

اكتشاف مثير للجدل: التمثال الطيني والإيحاءات الجنسية

تم العثور على القطعة الأثرية الصغيرة، التي لا يتجاوز حجمها طابعًا بريديًا، خلال أعمال تنقيب في موقع استيطاني قديم في شمال إسرائيل. يظهر التمثال امرأة عارية منحنية، بينما تتسلق إوزة كبيرة الحجم جسدها، مع وضع منقارها برفق على رأسها. وصفه الباحثون بأنه “مشهد غريب ومثير”، ويُعتقد أنه قد يمثل أقدم مثال معروف على تصوير العلاقة بين الإنسان والحيوان في سياق جنسي.

تحليل الآثار والتأريخ

أظهرت الاختبارات أن التمثال مصنوع من الطين المحلي وتم حرقه عند درجة حرارة حوالي 400 درجة مئوية. يعود تاريخه إلى العصر النطوفي، وهي فترة شهدت تحولًا كبيرًا في أسلوب حياة المجتمعات البشرية في منطقة الشرق الأوسط. تشير التقديرات إلى أن التمثال يعود إلى حوالي 12000 عام.

يعتقد لورنت دافين من الجامعة العبرية أن تصوير العلاقات بين أرواح الحيوانات والبشر كان شائعًا في الثقافات الوثنية القديمة، وغالبًا ما يظهر في الأحلام والرؤى والأساطير. ومع ذلك، فإن هذا التمثال يمثل تصويرًا ماديًا نادرًا ومباشرًا لمثل هذه المشاهد.

السياق التاريخي والثقافي

كانت المنطقة في ذلك الوقت مأهولة من قبل الناطوفيين، وهي مجموعة من السكان الأصليين الذين يعتبرون رواد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ابتعد الناطوفيون عن أسلوب الحياة الرحل وبدأوا في بناء المستوطنات الدائمة، مما أدى إلى تطور المجتمعات الزراعية والحضرية لاحقًا. هذا الاكتشاف يقدم لمحة فريدة عن عالمهم الرمزي ومعتقداتهم.

بالإضافة إلى التمثال الطيني، عُثر في موقع “ناحال عين جيف 2” على العديد من القطع الأثرية الأخرى، بما في ذلك شظايا من الطين والأدوات الحجرية. تشير هذه الاكتشافات إلى أن الموقع كان مركزًا مهمًا للنشاط البشري في العصر الحجري الحديث. يُعتقد أن هذه الاكتشافات تساهم في فهم أعمق لتطور المجتمعات البشرية القديمة في المنطقة.

اكتشافات أخرى في إسرائيل: آثار كنعانية ومعصرة نبيذ قديمة

في سياق متصل، أعلنت سلطة الآثار الإسرائيلية في الخامس من نوفمبر عن اكتشاف مجموعة من الآثار الكنعانية ومعصرة نبيذ تعود إلى 5000 عام بالقرب من تل مجيدو. تم الكشف عن هذه الاكتشافات خلال أعمال بناء الطريق السريع 66 في سهل يزريل. تل مجيدو، المعروف أيضًا باسم “هرمجدون”، يعتبر موقعًا أثريًا مهمًا يعود تاريخه إلى العصر البرونزي المبكر والمتأخر.

تُعد معصرة النبيذ المكتشفة الأقدم من نوعها في إسرائيل حتى الآن، مما يوضح أهمية صناعة النبيذ في المنطقة في العصور القديمة. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الحفريات عن العديد من القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، مما يسلط الضوء على أهمية تل مجيدو كموقع متعدد الطبقات الأثرية.

في الختام، تواصل الاكتشافات الأثرية في إسرائيل تقديم رؤى جديدة وغنية عن تاريخ المنطقة وثقافاتها القديمة. سيخضع التمثال الطيني لعمليات دراسة وتحليل إضافية لفهم معناه ودوره في سياق العصر النطوفي. من المتوقع أن تستمر أعمال التنقيب في تل مجيدو، مما قد يكشف عن المزيد من الآثار والمفاجآت التي تزيد من فهمنا لتاريخ المنطقة، وخصوصاً الفن القديم. تشير الدلائل الأولية إلى أن هذه الاكتشافات ستدفع الباحثين إلى إعادة تقييم العديد من النظريات حول المجتمعات البشرية القديمة ومعتقداتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version