أثارت حادثة طائرة “جيت بلو” القادمة من كانكون إلى نيوارك، والتي هبطت اضطراريًا في تامبا بولاية فلوريدا في أكتوبر الماضي، مخاوف بشأن تأثير الإشعاع الكوني على سلامة الطيران. أفاد مسافرون عن إصابات خطيرة، بما في ذلك جروح في الرأس، بعد انخفاض مفاجئ في ارتفاع الطائرة. ويحاول الخبراء الآن تحديد ما إذا كانت تدفقات الجسيمات عالية الطاقة من انفجار نجمي بعيد هي السبب المحتمل.
يشير الخبراء إلى أن هذه التدفقات من الجسيمات يمكن أن تؤثر على الأجهزة الإلكترونية للطائرات، مسببة ما يسمى بـ “انقلاب البت” الذي يتسبب في تلف البيانات في الكمبيوتر الخاص بالطائرة. ومع ذلك، يشددون على أن هذه الحوادث نادرة، وأن الأرض محمية بشكل كبير بواسطة المجال المغناطيسي والغلاف الجوي.
ما هو الإشعاع الكوني وكيف يؤثر على الطيران؟
الإشعاع الكوني عبارة عن جسيمات عالية الطاقة تأتي من خارج النظام الشمسي، بما في ذلك بقايا الانفجارات النجمية. يقول كيسي دراير، رئيس قسم سياسات الفضاء في جمعية كوكب الأرض، إنه على الرغم من أن هذه الجسيمات موجودة باستمرار وتضرب الأرض، إلا أن احتمالية تأثيرها على الدوائر الإلكترونية الحيوية في الطائرات في اللحظة المناسبة ضئيلة للغاية.
يضيف دراير أن هذه الظاهرة ليست فريدة من نوعها، وأن هناك عدداً كبيراً من الطائرات تحلق كل يوم، مما يزيد من فرص حدوث مثل هذه الحوادث بشكل عرضي. ومع ذلك، يؤكد أن هذا يظل مجرد فرضية حول سبب الحادث المحدد.
الفرق بين الإشعاع الكوني والعواصف الشمسية
على الرغم من أن الإشعاع الكوني يمثل تهديدًا مستمرًا، إلا أن العواصف الشمسية النشطة الصادرة عن الشمس يمكن أن تزيد المخاطر بشكل كبير. تطلق هذه العواصف تدفقات قوية من الجسيمات المشحونة التي يمكن أن تعطل أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS) وتؤثر على الاتصالات اللاسلكية وحتى تتسبب في انقطاع التيار الكهربائي.
في مايو الماضي، تسببت عاصفة شمسية هائلة في انقطاعات واسعة النطاق للتيار الكهربائي وتعطيل للإشارات اللاسلكية عبر أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وفقًا لتقارير إعلامية. وتشير هذه الأحداث إلى أن التهديدات الفضائية لا تقتصر على الإشعاع الكوني فحسب.
حماية الطائرات من الإشعاع الكوني
لحسن الحظ، توفر حماية الأرض الطبيعية، مثل المجال المغناطيسي والغلاف الجوي، درجة كبيرة من الحماية ضد الإشعاع الكوني. ومع ذلك، فإن الطائرات لا تزال عرضة للخطر، خاصة على ارتفاعات عالية حيث يكون الغلاف الجوي أرق.
يعتقد الخبراء أنه يمكن إجراء تحسينات على مستوى كل من الأجهزة والبرامج لتعزيز الحماية. تتضمن هذه التحسينات تطوير خوارزميات تصحيح الأخطاء بشكل أفضل واستخدام تدريع أفضل للإشعاع للمكونات الإلكترونية الحساسة. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات قد تكون مكلفة، وقد تحدندرة هذه الأحداث الفضائية من حجم الجهد والمال الذي يتم تخصيصه لمعالجتها.
تعتبر المركبات الفضائية أكثر عرضة للإشعاع الكوني، ولهذا السبب تستخدم معظمها أجهزة متخصصة مصممة لحماية المكونات الحساسة من مثل هذه الأحداث. يمكن تطبيق بعض هذه التقنيات على الطائرات، على الرغم من أن التكاليف والاعتبارات العملية تلعب دورًا.
مخاطر متزايدة مع النشاط الشمسي
يزداد خطر تأثير الجسيمات الكونية على الطائرات عندما تكون الشمس نشطة للغاية، حيث تطلق العواصف الشمسية القوية دفعات كبيرة من الجسيمات عالية الطاقة. تتزامن هذه الفترات من النشاط الشمسي مع زيادة في الإشعاع الشمسي، مما يزيد من احتمالية حدوث اضطرابات في الأنظمة الإلكترونية للطائرات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض، والتي يمكن أن تحدث أثناء العواصف الشمسية، يمكن أن تؤثر أيضًا على مسار الجسيمات الكونية، مما يزيد من تعرض الطائرات لها. وهذا يشير إلى أهمية المراقبة المستمرة للطقس الفضائي وتطوير أنظمة إنذار مبكر للكشف عن العواصف الشمسية المحتملة.
يبدو أن التحقيق في الحادثة الأخيرة يركز على تحديد ما إذا كانت تدفقات الجسيمات الكونية هي السبب بالفعل في انخفاض ارتفاع الطائرة. من المتوقع أن تقوم هيئة الطيران الفيدرالية (FAA) بتقييم شامل للمخاطر المحتملة وتقديم توصيات بشأن التحسينات اللازمة لحماية الطائرات من التهديدات الفضائية. من المرجح أن تتركز الجهود المستقبلية على تطوير تقنيات أكثر مقاومة للإشعاع وتحسين أنظمة المراقبة الفضائية. تبقى دقة هذه التقييمات وتأثيرها على بروتوكولات السلامة غير مؤكدة.

