أثارت شركة ناشئة في مجال الخصوبة جدلاً واسعاً بإعلانات مثيرة للجدل حول فحص الأجنة بهدف التنبؤ بصفات الأطفال مثل الطول والذكاء. بدأت شركة “Nucleus Genomics” حملتها الإعلانية بعنوان “أنجب طفلك الأفضل” في محطات مترو نيويورك هذا الأسبوع، وتشجع الآباء المحتملين على “بناء صحة الأجيال”. وتأتي هذه الحملة في وقت يشهد اهتماماً متزايداً بتقنيات فحص الأجنة، وتثير أسئلة أخلاقية حول مستقبل الإنجاب.
وقامت الشركة أيضاً بنشر ملصقات خارج متجر “American Eagle” الرئيسي في حي سوهو، مع عبارة “هؤلاء الأطفال لديهم جينات رائعة” – في إشارة إلى إعلان سابق للمتجر أثار غضبًا كبيرًا. وقد أدت هذه الإعلانات إلى زيادة ملحوظة في مبيعات الشركة، حيث ارتفعت بنسبة 1700٪ منذ بدء ظهورها في 14 نوفمبر، وفقاً للشركة.
الجدل حول فحص الأجنة وتكنولوجيا “Nucleus Genomics”
تقدم “Nucleus Genomics” لعملائها “برامج تحسين وراثي” تسمح لهم “بتحليل ومقارنة واختيار الأجنة بناءً على أكثر من 2000 توقع وراثي”. وتشمل هذه التوقعات ليس فقط الحالات الصحية المحتملة، ولكن أيضًا السمات الجسدية مثل لون العين والشعر. وقد أثار هذا الأمر انتقادات واسعة، حيث يرى البعض أن الشركة “تستخدم التلقيح الاصطناعي لخلق أطفال مصممين”.
وسرعان ما انتشرت ردود فعل غاضبة على منصة “X” (تويتر سابقًا)، حيث تساءل أحد المستخدمين بتهكم: “هل أصبح تحسين النسل مربحًا الآن؟”. وأضاف آخرون أن التكنولوجيا “مرعبة” و “بديونية بشكل مقلق”.
المدافعون عن التكنولوجيا
في المقابل، دافع البعض عن الشركة، مؤكدين أنها تقدم ببساطة المزيد من الخيارات للآباء. وتساءل أحد المدافعين: “ألن ترغب في أن يتمتع طفلك بأفضل نتيجة ممكنة؟” وأضاف: “أنت تخضع بالفعل لعملية التلقيح الاصطناعي، فلماذا تختار جنينًا عشوائيًا بدلاً من الأفضل بين الموجودين؟”.
ورأى آخر أن وصف هذا الأمر بأنه “تحسين النسل” هو “كسل فكري”. وأوضح أن الفحص الوراثي لا يعني تحسين النسل، بل هو “تقليل المخاطر”. وأشار إلى أنه يشبه المنطق الكامن وراء منع الاضطرابات الوراثية، باستثناء أنه الآن يمكن تحديد “عبء الطفرات” و “احتمالية المرض” و “استقرار الكروموسومات” بدقة بدلاً من التخمين.
تأتي هذه التطورات في سياق تقدم سريع في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلم الجينوم. وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في تقنيات فحص الأجنة، مثل الفحص الوراثي قبل الزرع (PGT)، الذي يسمح للآباء بتحديد الأجنة التي تحمل خطرًا متزايدًا للإصابة بأمراض وراثية.
الاعتبارات الأخلاقية والقانونية
يثير استخدام فحص الأجنة لتحديد السمات غير الطبية، مثل الطول والذكاء، قضايا أخلاقية معقدة. ويخشى البعض من أن هذا قد يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية، حيث قد يتمكن الأثرياء فقط من تحمل تكلفة هذه التكنولوجيا. كما يثير مخاوف بشأن تعريف “الجودة” وكيف يمكن أن يؤدي التركيز على سمات معينة إلى تقويض قيمة التنوع البشري.
من الناحية القانونية، يختلف الوضع من بلد إلى آخر. ففي بعض البلدان، قد تكون هذه التقنيات مقيدة أو محظورة تمامًا. وفي بلدان أخرى، قد تكون متاحة ولكن تخضع لرقابة صارمة. ويتزايد الضغط على الحكومات لوضع قوانين ولوائح واضحة تحكم استخدام فحص الأجنة وتكنولوجيا التحرير الجيني.
يعتبر الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية، حيث تساعد الخوارزميات في تحليل البيانات الجينية وتقديم التوقعات. وعلى الرغم من الدقة المتزايدة لهذه الخوارزميات، إلا أنها لا تزال غير قادرة على التنبؤ بشكل كامل بصفات الفرد المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، يثير فحص الأجنة أسئلة حول حقوق الجنين ومصالحه. ويرى البعض أنه يجب حماية الجنين بغض النظر عن صفاته الجينية، بينما يرى آخرون أن للآباء الحق في اختيار أفضل جنين لزيادة فرصهم في إنجاب طفل سليم وسعيد. هذه المناقشات حول الوراثة تزداد تعقيداً مع تقدم العلم.
صرح الرئيس التنفيذي للشركة، كيان صادقي، بأن “كل عائلة تستحق أن تعرف أن هذه الأدوات موجودة”، مؤكدًا على سلامتها وقدرتها على مساعدة العائلات في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبل أطفالها. وأضاف: “ليس كل عائلة سترغب في استخدامها، وهذا أمر مقبول”، لكنه شدد على أهمية إعلام الجميع بوجود هذه الخيارات.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول الجدوى الأخلاقية والاجتماعية لتقنيات فحص الأجنة في التصاعد. وسيكون من المهم مراقبة التطورات القانونية والتنظيمية في هذا المجال، بالإضافة إلى ردود الفعل العامة على هذه التقنيات. من المرجح أن تتخذ الهيئات التنظيمية قرارات بشأن قيود استخدام هذه التقنيات في الأشهر والسنوات القادمة، مع الأخذ في الاعتبار الآثار المحتملة على المجتمع ككل.

