باعت دار مزادات في بوسطن أرشيفًا يضم مفتاح حل الرسالة الأخيرة المشفرة في منحوتة “كريبتوس” (Kryptos) الشهيرة الموجودة في مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بمبلغ يقارب مليون دولار. هذا الأرشيف، الذي يمتلكه الفنان جيم سانبورن، يتضمن وثائق ورسومًا بيانية تساعد في فك رموز المنحوتة، والتي ظلت لغزًا لعقود. الهدف من بيع Kryptos هو إيجاد شخص يحافظ على سر الرسالة ويواصل التفاعل مع المتحمسين لفك الشفرات.
لغز “كريبتوس” الذي دام عقودًا
تم الكشف عن المنحوتة “كريبتوس” في عام 1990، وسرعان ما أصبحت تحديًا للمحللين وعلماء التشفير من جميع أنحاء العالم. تتكون المنحوتة من أربع رسائل مشفرة (K1، K2، K3، و K4)، وقد تم حل أول ثلاث رسائل بنجاح. لكن الرسالة الرابعة، K4، ظلت عصية على الفهم، مما أثار فضول الكثيرين.
تاريخ المنحوتة وتحديها
المنحوتة، التي تشبه ورقة تخرج من جهاز فاكس، تحتوي على سلسلة من الحروف المبعثرة التي تعتبر مفتاحًا لفك تشفير الرسائل الأربع. على مر السنين، حاول العديد من الخبراء والمتحمسين حل لغز K4، لكن دون جدوى. وقد بدأ الفنان سانبورن في فرض رسوم قدرها 50 دولارًا على كل محاولة لفك الشفرة بسبب كثرة الاستفسارات.
وفقًا لدار مزادات RR Auction، سيحصل المشتري على اجتماع خاص مع سانبورن لمراجعة الرموز والرسوم البيانية والنوايا الفنية وراء K4، بالإضافة إلى فقرة بديلة أطلق عليها اسم K5. يأمل سانبورن أن يتمكن المشتري من الحفاظ على سر الرسالة ومواصلة التفاعل مع مجتمع فك الشفرات.
بيع الأرشيف وتفاصيله
تم بيع الأرشيف مقابل 963,000 دولار أمريكي لمشترٍ مجهول الهوية. يشمل الأرشيف ليس فقط مفتاح K4، بل أيضًا مجموعة كاملة من وثائق الفنان سانبورن المتعلقة بالمنحوتة. هذا البيع جاء بعد محاولة لإفشال المزاد في سبتمبر عندما اكتشف اثنان من خبراء “كريبتوس” النصوص الأصلية المشفرة في أوراق سانبورن في متحف سميثسونيان.
ومع ذلك، أكد سانبورن أن الاكتشاف لا يعني فك الشفرة. وقال في تصريح لأسوشيتد برس: “الفرق المهم هو أنهم اكتشفوها. لم يفكوا شفرتها. ليس لديهم المفتاح. ليس لديهم الطريقة التي يتم بها فك تشفيرها.” هذا التوضيح ساهم في استمرار المزاد وتغيير نطاقه ليشمل الأرشيف بأكمله بدلاً من مجرد حل K4.
تأثير الاكتشاف في سميثسونيان
اكتشاف النصوص الأصلية في سميثسونيان أثار جدلاً واسعًا بين مجتمع فك الشفرات. بينما لم يؤدِ الاكتشاف إلى حل K4 بشكل مباشر، إلا أنه قدم رؤى جديدة حول عملية التشفير التي استخدمها سانبورن. هذا الاكتشاف عزز من قيمة الأرشيف وجذب المزيد من الاهتمام بالمزاد.
بالإضافة إلى “كريبتوس”، يشتهر سانبورن بأعماله الفنية العامة الأخرى، بما في ذلك نصب تذكاري لضحايا إطلاق النار الجماعي في أودسا، تكساس عام 2019. يعكس عمله الفني اهتمامه بالقضايا الاجتماعية والسياسية، وغالبًا ما يتضمن عناصر من الغموض والتشفير.
الخطوات التالية ومستقبل “كريبتوس”
تجري حاليًا صياغة “خطة إدارة طويلة الأجل” للمشتري، وفقًا لدار المزادات. من المتوقع أن يتم الكشف عن هذه الخطة في الأسابيع القادمة، وستحدد كيفية الحفاظ على سر الرسالة K4 وكيفية التفاعل مع مجتمع فك الشفرات. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان المشتري سيختار مشاركة الحل مع الجمهور أم الاحتفاظ به سرًا.
حل لغز Kryptos يمثل تحديًا مستمرًا، ومن المرجح أن يستمر الاهتمام بالمنحوتة في المستقبل المنظور. سيكون من المثير للاهتمام مراقبة كيفية تعامل المشتري الجديد مع هذا التحدي وما إذا كان سيتمكن من إلهام جيل جديد من علماء التشفير. الوضع الحالي يشير إلى أن سر K4 سيظل محفوظًا لفترة أطول، مع إمكانية الكشف عنه في المستقبل.

