تصدرت مدينة نيويورك قائمة المدن الأكثر توتراً في العالم، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها شركة Remitly المالية. يأتي هذا الترتيب على الرغم من تصنيفها مؤخرًا كأفضل مدينة في العالم من قبل Resonancy Consultancy، بسبب اقتصادها الثقافي الضخم ومشاريع البنية التحتية الحضرية الواسعة. الدراسة، التي قيمت عوامل مثل تكلفة المعيشة والجريمة والازدحام والتلوث والوصول إلى الرعاية الصحية، كشفت أن مدينة نيويورك حصلت على درجة إجهاد بلغت 7.59 من أصل 10، وهي الأعلى في القائمة.
ارتفاع مستوى التوتر في المدن العالمية: نيويورك في الصدارة
أظهرت نتائج الدراسة أن ارتفاع تكلفة المعيشة يعتبر المساهم الرئيسي في ارتفاع مستوى التوتر في نيويورك. حيث يواجه غالبية السكان ضغوطًا مالية كبيرة بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار، بما في ذلك الإيجارات والسلع الأساسية. تشير دراسة أجرتها جامعة كورنيل العام الماضي إلى أن معظم سكان نيويورك يعتبرون ارتفاع تكاليف المعيشة أكبر مصدر قلق لديهم.
سجل إيجار المنازل في مانهاتن أرقامًا قياسية في نوفمبر الماضي، حيث ارتفع بنسبة 7.6% على أساس سنوي ليصل إلى 4,625 دولارًا أمريكيًا، وفقًا لشركة Miller Samuel Inc ووسيطة Douglas Elliman. بالإضافة إلى ذلك، أثر التضخم على أسعار المواد الغذائية والمرافق والخدمات التأمينية، مما دفع Remitly إلى منح نيويورك درجة 100 في نفقات المعيشة – وهي أعلى درجة ممكنة.
في المقابل، تتمتع مدن مثل أثينا في اليونان بتكلفة معيشة أقل بكثير، حيث سجلت 56.6 نقطة، بينما سجلت مكسيكو سيتي 44.4 نقطة. وهذا يعكس الفروق الكبيرة في القدرة الشرائية بين المدن المختلفة.
دبلن في المرتبة الثانية: مفاجأة أم واقع؟
بينما لم يكن تصدر نيويورك للقائمة مفاجئًا للكثيرين، إلا أن احتلال دبلن، أيرلندا، للمرتبة الثانية قد أثار بعض الدهشة. لكن الدراسة كشفت عن أن دبلن تواجه تحديات متزايدة في مجال القدرة على تحمل التكاليف، مما يضع ضغوطًا كبيرة على السكان المحليين.
تعتبر دبلن أيضًا واحدة من أكثر المدن ازدحامًا في أوروبا، حيث يقضي السكان في المتوسط 32 دقيقة و45 ثانية للسفر لمسافة 10 كيلومترات فقط، وفقًا للدراسة. هذا الازدحام المروري يزيد من الإجهاد الحضري ويؤثر سلبًا على جودة الحياة.
كما احتلت مدن مكسيكو سيتي، مانيلا، ولندن المراكز من الثالث إلى الخامس على التوالي في قائمة المدن الأكثر توتراً. تشترك هذه المدن في عوامل مثل الكثافة السكانية العالية، والتلوث، والتحديات الاقتصادية.
أقل المدن توتراً: نموذج هولندي
على النقيض من ذلك، تم تصنيف مدينة أيندهوفن في هولندا كأقل مدينة توتراً في العالم، حيث حصلت على درجة منخفضة بلغت 2.34. احتلت مدينة أوترخت الهولندية المرتبة الثانية. ويرجع الفضل في هذا التصنيف المتميز إلى جودة الرعاية الصحية العالية ومستويات الجريمة والتلوث المنخفضة في المدينتين.
تُظهر نتائج هذه الدراسة أهمية توفير بيئة معيشية مستدامة وصحية للسكان، مع التركيز على القدرة على تحمل التكاليف والحد من العوامل المسببة للتوتر. ويساهم تخطيط المدن الفعال، والاستثمار في البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية في تحسين جودة الحياة وتقليل الضغوط النفسية.
تأثيرات التوتر الحضري والحلول المقترحة
تتجاوز تأثيرات التوتر الحضري مجرد المشاعر السلبية، حيث يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية جسدية وعقلية، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاجية والإبداع. لذلك، من الضروري أن تتخذ المدن تدابير فعالة لمعالجة هذه القضية.
تقترح الدراسة مجموعة من الحلول، بما في ذلك زيادة المعروض من المساكن الميسورة التكلفة، وتحسين وسائل النقل العام، والاستثمار في المساحات الخضراء، وتعزيز الصحة العقلية. كما تشدد على أهمية إشراك السكان في عملية صنع القرار لضمان تلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب التكنولوجيا دورًا مهمًا في تخفيف التوتر الحضري، من خلال توفير خدمات ذكية تساعد السكان على إدارة حياتهم اليومية بشكل أكثر فعالية. على سبيل المثال، يمكن لتطبيقات إدارة حركة المرور أن تساعد في تقليل الازدحام، بينما يمكن لمنصات الصحة الرقمية أن توفر الدعم النفسي عن بعد.
من المتوقع أن تستمر المدن في النمو والتوسع في السنوات القادمة، مما يزيد من الضغوط على البنية التحتية والخدمات والموارد. لذا، من الضروري الاستعداد لهذه التحديات واتخاذ خطوات استباقية لخلق مدن أكثر مرونة واستدامة وقدرة على توفير جودة حياة عالية لجميع سكانها. سيتم متابعة ردود أفعال السلطات المحلية في نيويورك ودبلن على هذه الدراسة، وكذلك أي مبادرات جديدة تهدف إلى تخفيف التحديات الحضرية. من المهم أيضًا متابعة الأبحاث المستقبلية حول هذا الموضوع لتحديد أفضل الممارسات والحلول المبتكرة.

