|

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية الخلافات المتعمقة بين رئيس الأركان إيال زامير والمستوى السياسي في حكومة بنيامين نتنياهو، لا سيما ما يتعلق بمستقبل الحرب على قطاع غزة، وسط تحذيرات من فشل الجيش في تحقيق أهدافه المعلنة للعملية العسكرية المستمرة منذ قرابة 10 شهور.

وقد أعادت هذه الخلافات إلى الواجهة المقارنات بين زامير وسلفه هرتسي هاليفي الذي استُبدل بعد انتقادات حكومية، ليفاجئ وزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش الإسرائيليين بالقول إنه “يشتاق” لهاليفي رغم كونه من أبرز من طالبوا بإبعاده.

وذكّر داني كوشمارو مقدم البرامج السياسية في القناة 12 الإسرائيلية بتصريحات نتنياهو التي رافقت تعيين زامير، حين قال إن “أوان زامير قد حان” متعهدا له بـ”روح هجومية ساحقة” لكنه استدرك زامير بعد 150 يوما بأن غزة لم تتغير والمخطوفين لم يعودوا و”الانتصار المطلق” لا يزال بعيد المنال.

وتعليقا على هذه التطورات، قال أور هيلر مراسل الشؤون العسكرية بالقناة 13 الإسرائيلية إن لدى رئيس الأركان شعورا بأن المستوى السياسي يستعد لتلفيق قضية ضده، تماما كما جرى مع سلفه، متهما إياه بالفشل في إنهاء الحرب وإعادة الأسرى وهزيمة حركة حماس.

وبخلاف هاليفي، فإن زامير لم يكن يتولى أي منصب رسمي عند وقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل تم تعيينه لاحقا من قِبل حكومة نتنياهو، مما يجعله -بحسب الإعلام الإسرائيلي- غير شريك في “الإخفاق الأمني” الذي سبق الحرب.

صدام غير مباشر

وأورد يوسي يهوشوع محلل الشؤون العسكرية في قناة “آي 24” أن زامير يعارض خطة احتلال مدينة غزة، ويكتفي بالإعداد لمحاصرتها، وهو ما وضعه في مواجهة مباشرة مع أعضاء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) لكن دون صدام مباشر مع رئيس الحكومة حتى الآن.

وأشار يهوشوع إلى أن رئيس الأركان يرى أن احتلال المدينة التي تؤوي أكثر من مليون مدني سيعرّض حياة نحو 20 “مخطوفا” لا يزالون على قيد الحياة للخطر، وهو ما يزيد من حدة التوتر بين الجيش والقيادة السياسية.

أما رونين بيرغمان الصحفي في “نيويورك تايمز” الأميركية و”يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية فرأى أن الجيش يخوض حربا بأهداف متعارضة، إذ يعلم أنه عاجز عن تحقيق الهدفين الأساسيين: إطلاق الأسرى بالقوة، وهزيمة حماس باحتلال غزة، وهو ما يحتاج -وفق تقديره- إلى 5 سنوات على الأقل.

وأضاف أن المؤسسة العسكرية لا تعرف إلى أين تمضي، ولا توجد صفقة تلوح في الأفق، في وقت يتزايد القلق من أن توسيع الحملة إلى مناطق جديدة مثل مدينة غزة ومخيمات الوسط سيعرض الأسرى لمزيد من الخطر، في وقت تبدو فيه إسرائيل في مأزق إستراتيجي عميق.

وأعاد أور هيلر مراسل القناة 13 الإسرائيلية التأكيد على أن الجيش يقف عند مفترق طرق، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية كحال الإسرائيليين “لا تعرف إلى أين تمضي الأمور” في ظل غياب رؤية واضحة من القيادة السياسية.

جيش غير مهني

من جانبه، دعا رئيس حزب “الديمقراطيين” يائير جولان رئيس الأركان إلى ممارسة الضغط على الحكومة، والامتناع عن تنفيذ عمليات لا ترتبط بأهداف قابلة للتحقق، معتبرا أن الحديث عن “ضم الأراضي والتهجير والإبادة” لا يمكن أن يكون ضمن إستراتيجية جيش مهني.

وقال جولان إن السبيل الوحيد لإطلاق سراح “المخطوفين” هو التفاوض مع “حماس” معتبرا أن أحدا لن يستطيع الجمع بين سحق هذه الحركة المسلحة من جهة، وتأمين عودة الأسرى من جهة أخرى.

وفي انتقاد لاذع للخطاب الرسمي، عبّر رون بن يشاي محلل الشؤون العسكرية في “يديعوت أحرونوت” عن إحباطه قائلا إن إسرائيل كانت “أكثر ذكاء” في إدارتها للحروب سابقا، مضيفا أن تصريحات قادة اليوم “معظمها خازوق (بالنسبة) لنا”.

وتعكس هذه التصريحات -بحسب محللين- تصدّع الثقة بين الجيش والمستوى السياسي، لا سيما في ظل غياب خطة واضحة لإنهاء الحرب، وعجز متزايد عن الموازنة بين الضغوط الداخلية والرهانات العسكرية على الأرض، مما يجعل من رئيس الأركان هدفا محتملا لأي فشل قادم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version