أثارت حملة دعائية جديدة أطلقتها شركة “رافائيل للصناعات العسكرية الإسرائيلية” موجة واسعة من الغضب والاستنكار، بعدما عرضت الشركة مشهدا حقيقيا يوثق لحظة اغتيال شاب فلسطيني أعزل في شمال مدينة غزة، باستخدام طائرة مسيّرة انتحارية من طراز “سبايك فايرفلاي”، وذلك ضمن إعلان ترويجي لأسلحتها في الأسواق العالمية.

وقد لاقى الفيديو المنشور غضبا عارما عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مغردون فلسطينيون وعرب أن الشركة تروّج لما وصفوه “بدقة صناعتها العسكرية” من خلال قتل شاب جائع كان يبحث عن طعامه، وحاول الفرار للنجاة، إلا أنه قُتل داخل المنطقة المستهدفة.

وفي منشور رسمي عبر حسابها على منصة “إكس”، قالت الشركة “سبايك فايرفلاي: دقة مثبتة، إعادة تعريف للتفوق التكتيكي. نحتفل بمرور عامين على نشر فايرفلاي عمليا، مبشرين بعصر جديد من الدقة للقوات القتالية التكتيكية. منذ ذلك الاستخدام الأول، أثبت فايرفلاي جدارته في أكثر البيئات صعوبة، موجهًا ضربات دقيقة بأقل قدر من الأضرار الجانبية، حتى في بيئات تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وفي ظل الظروف الجوية السيئة”.

وأضافت الشركة أن الطائرة “فايرفلاي” هي ذخيرة تكتيكية متنقلة ضمن عائلة سبايك، صغيرة الحجم وسهلة الاستخدام وتُحمل على الظهر لتعزيز القدرة على الفتك مع تقليل المخاطر على القوات الصديقة، معتبرة إياها “مغيّرة لقواعد اللعبة” في مناطق القتال المختلفة.

ووفقًا لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وقعت حادثة الاغتيال في أواخر عام 2024، إذ كان الشاب يبحث عن طعامه قبل أن يُستهدف من قِبل الطائرة المسيّرة.

ووصف المغردون المشهد بأنه “جريمة تحوّلت إلى مادة تسويقية”، معتبرين ذلك سابقة خطيرة و”جنونًا غير مسبوق” في عالم الدعاية العسكرية.

وأشار عدد من المغردين إلى أن شركة “رافائيل” استغلّت الدم الفلسطيني كأداة ترويجية، مؤكدين أن ما حدث يُمثّل “تطبيعًا للجريمة وتحويلًا للقتل إلى مشهد دعائي”.

ووصف آخرون الأمر بأنه “فضيحة أخلاقية وإنسانية”، إذ يُستخدم اغتيال إنسان أعزل كدليل على “دقة التصنيع العسكري الإسرائيلي”.

وكتب أحد الناشطين تعليقًا على الحادثة “ما هذه الوحشية؟ استهداف مواطن في غزة يصبح أداة دعائية لشركة عسكرية إسرائيلية”.

ورأى ناشطون آخرون أنه إن كانت شركة “رافائيل” قد استخدمت هذا الفيديو، فإن ذلك سيكون عرضًا بشعًا لمرض أعمق، يتمثل في صناعة أسلحة تزدهر على حساب الصراعات المستمرة، حيث تصبح حياة الفلسطينيين مجرد أضرار جانبية في سباق الهيمنة على السوق.

وأشار هؤلاء إلى أن المأساة في غزة تحمل أبعادًا أكثر قسوة، إذ يتكدس نحو 1.4 مليون نازح في مناطق مكتظة، مما يجعل المشهد الإنساني مروّعًا بشكل خاص.

وتساءل بعض المدونين بمرارة: “أين الإنسانية؟ هل أصبحت أرواح الفلسطينيين رخيصة إلى هذا الحد، حتى تُعرض لحظة قتلهم لتسويق السلاح؟ أي قسوة هذه؟”.

من جهتهم، اعتبر آخرون أن هذا الإعلان يُشكّل توثيقًا مباشرًا لما يمكن وصفه بأنه “جريمة حرب”، مشيرين إلى أن إسرائيل لم تعد تخفي ممارساتها، بل باتت تعرضها أمام العالم كبطاقة تعريف لفاعليتها القتالية.

ورأى عدد من المعلقين أن الفضيحة الحقيقية لا تكمن فقط في اللقطات المزعومة، بل في تطبيع الحرب وتحويلها إلى مختبر للربح.

يشار إلى أن إسرائيل ترتكب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت نحو 196 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version