تتضمن أبرز التطورات في الشأن الفلسطيني حالياً تقاطعاً لمآسٍ متعددة ومعقدة، تتراوح بين التصعيد اليومي في الضفة الغربية والوضع الكارثي في قطاع غزة، وصولاً إلى تعقيدات المفاوضات السياسية الدولية. فحسب آخر أخبار فلسطين، تشن القوات الإسرائيلية حملات اعتقال ومداهمات واسعة في الضفة، متزامنة مع اعتداءات المستوطنين، فيما يواجه قطاع غزة المدمر موجة أمطار قاسية تزيد من معاناة النازحين. وسط هذه التطورات الميدانية، تتصاعد الضغوط الدولية على دول مثل باكستان للمساهمة في “قوة تحقيق الاستقرار” في غزة، وهي خطة محفوفة بالمخاطر السياسية والداخلية.

الضفة الغربية: الاعتقالات والاعتداءات وتوسيع الاستيطان

تستمر القوات الإسرائيلية في فرض واقع يومي قاسٍ في الضفة الغربية المحتلة، عبر حملات اعتقال واسعة ومداهمات وتحويل منازل إلى ثكنات عسكرية، ناهيك عن الإجراءات الهادمة والاستيلاء على الأراضي.

حملات الاعتقال والمداهمات اليومية

شنت القوات الإسرائيلية حملات اعتقال ومداهمات واسعة شملت عدة محافظات فلسطينية:

  • بيت لحم والخليل: اعتقال ثمانية فلسطينيين في بيت لحم، بينهم مسن، وتفتيش منازلهم. كما تم اعتقال فلسطينيين وداهمت القوات منازل في الخليل، بما في ذلك مخيما الفوار والعروب وبلدة يطا.
  • جنين ونابلس وطولكرم: اقتحمت قوات خاصة الحي الشرقي في جنين وحاصرت منزلاً، فيما داهمت دوريات البلدة القديمة بنابلس وحارة العقبة. وفي طولكرم، تم اعتقال أربعة فلسطينيين، منهم ثلاثة أسرى محررين.
  • رام الله والقدس: تم اعتقال عدة أشخاص من بلدة عين يبرود ومخيم الجلزون في رام الله، ومن بلدة عناتا بشمال شرق القدس.

هذه الحملات، التي تشمل الاحتجاز والتحقيق الميداني، تعكس سياسة “الاحتلال اليومي” الذي يهدف إلى تفكيك البنية الاجتماعية والسياسية الفلسطينية.

جرائم المستوطنين وتكريس الاحتلال

تزامن التصعيد العسكري مع اعتداءات المستوطنين المتصاعدة، والتي تحظى بغطاء (صريح أو ضمني) من السلطات، مما يفاقم العنف الموجه ضد المدنيين:

  • اغتيال الشبان: قتل فلسطينيان، مهيب أحمد جبريل (16 عاماً) وعمار صباح «تعامرة» (16 عاماً)، برصاص المستوطنين والقوات الإسرائيلية في غضون أقل من 24 ساعة في بيت لحم، في حوادث تتكرر بشكل شبه يومي.
  • الاعتداءات على الممتلكات: هاجم مستوطنون مساكن المواطنين في خربة عريبة النبي بمسافر يطا جنوب الخليل، وحاولوا سرقة أغنام. وفي الجديرة، هدمت آليات الاحتلال أسواراً ومنشآت، “بدعوى سخيفة هي البناء دون ترخيص”، بينما يزداد توسع الاستيطان يوماً بعد يوم.
  • تغوّل عسكري في القدس: حذرت محافظة القدس من توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة الأمن الإسرائيلية وبلدية الاحتلال لتطوير البنية التحتية الأمنية والعسكرية في المدينة، وهو ما يمثل “أوسع عملية لإعادة التموضع العسكري الإسرائيلي منذ عقود”، ويهدف إلى تحويل القدس إلى قلب عسكري للكيان، في سياسة تهويد ممنهجة لا تخجل من إعلان أهدافها.
  • الاستيلاء على الأراضي: كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن استيلاء إسرائيل (التي تحرص دائماً على “أمنها”) على 531 دونماً من أراضي جنين لأغراض “أمنية وعسكرية”، وهو نمط متكرر لفرض وقائع جديدة على الأرض حول المستوطنات والطرق الأمنية.

غزة: مأساة الشتاء وضغوط المفاوضات

في غزة، تتفاقم الأزمة الإنسانية بفعل الظروف الجوية القاسية، بينما تستمر لعبة المفاوضات السياسية المعقدة.

العاصفة والاحتياجات الإنسانية الكارثية

ضربت موجة أمطار غزيرة (العاصفة بايرون) قطاع غزة، مما أدى إلى غرق الشوارع والخيام ومراكز الإيواء البدائية، وسط دمار هائل لحق بمعظم المباني جراء الحرب.

  • ضحايا البرد: توفي رضيع يبلغ من العمر أسبوعين نتيجة انخفاض حاد في حرارة الجسم بسبب البرد الشديد، بالإضافة إلى وفاة 16 شخصاً على الأقل خلال أربع وعشرين ساعة سابقة بسبب العاصفة.
  • احتياج المأوى: تقول الأمم المتحدة إن نحو 1.3 مليون شخص يحتاجون حالياً إلى مساعدات متعلقة بالمأوى، محذرة من تزايد مخاطر الإصابة بانخفاض حرارة الجسم، في ظل تضرر أو دمار 92 في المائة من المباني السكنية.
  • عرقلة المساعدات: انتقد المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، بقاء الإمدادات تنتظر شهوراً للسماح بدخولها إلى غزة، وهي إمدادات كفيلة بتلبية احتياجات مئات الآلاف الذين “يتجمدون حتى الموت”.

حماس والمأزق الأميركي الباكستاني

تتطلع حركة “حماس” لعقد جولة تفاوضية جديدة في مصر أو قطر، في ظل شكوكها حول الدور الأميركي، رغم سعيها لوجود وفد أميركي للضغط على الجانب الإسرائيلي لتنفيذ خطة الاستقرار التي اقترحها الرئيس ترمب.

  • قضية السلاح والحكم: تركز المحادثات على ملفات الإعمار، حكم القطاع (لجنة التكنوقراط)، فتح معبر رفح، ورفع الحصار، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وملف القوة الدولية، مع تأكيد عدم مناقشة ملف خروج القيادات من القطاع.
  • رهان على ترمب: تعول “حماس” على تغيير تفكير الإدارة الأميركية بشأن سلاحها، وتبادل أفكار حول تجميد استخدامه أو تسليمه لجهة متفق عليها، انطلاقاً من استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة لا التزام عسكرياً طويلاً.

في المقابل، يواجه قائد الجيش الباكستاني، عاصم منير، ضغوطاً من واشنطن للإسهام بقوات في “قوة تحقيق الاستقرار” في غزة، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر الداخلية، وقد تثير ردود فعل غاضبة من الأحزاب الإسلامية المعارضة بشدة للولايات المتحدة وإسرائيل. منير، الذي يتمتع بسلطة غير مسبوقة محمية دستورياً، مُحاصر بين إرضاء ترمب وتجنب اضطرابات شعبية داخلية.

السجون: برميل بارود يهدد بالانفجار

تتزامن كل هذه التطورات مع وضع كارثي وغير مسبوق داخل السجون الإسرائيلية، حيث يواجه المعتقلون الفلسطينيون ظروفاً مأساوية.

  • تحذير رسمي: حذر مفوض مصلحة السجون الإسرائيلية، كوبي يعقوبي، من أن “الأمل الذي كان لدى السجناء الأمنيين تحول إلى يأس”، مؤكداً بثقة أنهم “على أعتاب حدث” قد يتطور إلى كارثة داخلية أو خارجية، بسبب الاكتظاظ والتدهور الكبير في الأقسام الأمنية.
  • تصاعد الوفيات: ارتفع عدد الضحايا الأسرى الفلسطينيين المعلن عن هوياتهم منذ حرب غزة إلى 86، بعد وفاة المعتقلين الإداريين صخر زعول وعبد الرحمن سباتين، مما يسلط الضوء على الظروف غير الإنسانية داخل السجون.

خاتمة

يمر الشأن الفلسطيني بمرحلة حرجة تتطلب متابعة مستمرة ودقيقة. فبينما يستمر الاحتلال (في سياسته المعروفة بالبناء على الدمار) بمداهماته واستيطانه في الضفة الغربية، وتغرق غزة تحت الأمطار، تبقى المفاوضات السياسية معقدة وتخضع لضغوط دولية وداخلية هائلة. يظل التحدي الأكبر هو كيفية توفير الحماية الأساسية للمدنيين في الضفة وغزة، وإيجاد حلول مستدامة تنهي دورة العنف وتسمح بالتعافي والإعمار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version