بانكوك – ما إن تطأ قدماك أرض مطار بانكوك وبمجرد وصولك إلى تلك المدينة المزدحمة ستلاحظ بسهولة وجود الكثير من الوجوه العربية من حولك، فهي إحدى الوجهات المفضلة بالنسبة للسائح العربي، خصوصا القادم من بلاد الخليج.

وإذا كان الغرض الأبرز للقادمين إلى مملكة تايلند هو السياحة، فإن هناك الكثيرون يأتون للعلاج بشكل خاص، أو يمزجون بين العلاج والترفيه.

وفي السنوات الأخيرة، حققت تايلند تقدما كبيرا بمؤشر السياحة العلاجية العالمي، ويرجع ذلك إلى عوامل متعددة، بينها التطور الكبير الذي شهدته مؤسساتها الصحية، وجعلتها تجمع بين الجودة العالية والتكلفة المناسبة.

لماذا تايلند؟

ومن المهم أن نشير هنا إلى هذا التطور والتحديث الذي يدعم شهرة قديمة تحظى بها تايلند في مجال الطب التقليدي وطب الأعشاب.

هناك أيضا سعر العملة المناسب (الدولار الأميركي يساوي نحو 32 باتا تايلنديا)، وسهولة الحصول على تأشيرة الدخول، فضلا عما لمسناه من ذكاء المؤسسات الطبية واهتمامها بفهم الشخصية العربية، وتقديم عوامل الجذب لها.

عامل آخر تحدث عنه العديد ممن التقيناهم، وهو السرعة في المواعيد، فضلا عن مراعاة الخصوصية واحترام الثقافات والتقاليد وسهولة الإجراءات.

وبطبيعة الحال فكون تايلند وجهة سياحية متميزة يساعد أيضا في تقديم خيارات عديدة للسائح الذي سيفضّل بالطبع أن تتضمن رحلته جانبا سياحيا ترفيهيا حتى لو كان غرضه الأساسي هو العلاج الطبي.

المستشفيات في بانكوك تحرص على تقديم خدمات مثل الإقامة والمواصلات (الجزيرة)

مستشفى خمس نجوم

“المستشفى نفسه يشبه فندقا من فئة الخمس نجوم”.. هذه عبارة سمعناها من كثير من المرضى العرب الذين التقيناهم في أكبر مستشفيات بانكوك، وفضلوا عدم ذكر أسمائهم رغم موافقتهم على الحديث عن تجاربهم.

“أبو فهد” القادم من السعودية كان واحدا من هؤلاء، حيث قال إنه قدم لعلاج فقرات الرقبة بعد أن سمع إشادات عديدة من معارفه الذي سبقوه إلى خوض تجربة العلاج في تايلند.

وفي مجمل الشهادات التي حصلنا عليها ممن التقيناهم فإن كثيرا منهم تروق له فكرة الجمع بين العلاج والسياحة، فبين أوقات الفحوص أو الأشعات أو جلسات العلاج الطبيعي يجد السائح العربي في بانكوك متسعا لاستكشاف المدينة بمعالمها السياحية وأسواقها الشعبية ومجمعاتها التجارية الحديثة.

وعندما تتوفر فسحة أكبر من الوقت يمكن القيام برحلة خارج بانكوك ليوم أو اثنين أو حتى بضعة أيام.

عبد الباسط إسماعيل مدير العلاقات العربية في مستشفى ويشتاني (ملك العظام) في بانكوك عاصمة تايلند / تصوير أنس زكي – الجزيرة نت
عبد الباسط إسماعيل مدير العلاقات العربية بمستشفى ويشتاني في بانكوك عاصمة تايلند (الجزيرة)

خدمات متنوعة

وفي محاولة للوقوف بشكل أكثر تفصيلا على الخدمات والتسهيلات التي تقدمها المستشفيات الكبرى في بانكوك، تحدثنا إلى عبد الباسط إسماعيل وهو تايلندي عمل بالسعودية لسنوات طويلة، ويشغل حاليا منصب مدير العلاقات العربية في مستشفى ويشتاني.

يقول إسماعيل بلغة عربية واضحة إن مستشفاه يشهد إقبالا كبيرا من المرضى العرب، ويكشف لنا عن وصول عددهم في العام الماضي إلى 11 ألف مريض، غالبيتهم الساحقة من دول الخليج العربي.

ويوضح لنا أن المستشفى مؤسس منذ 30 عاما، وبه كل التخصصات، لكن تخصص العظام بدأ يشتهر شيئا فشيئا لدرجة جعلته يشتهر بمستشفى “ملك العظام”.

وعن الخدمات التي يقدمها المستشفى للمرضى، قال إنها تبدأ حتى قبل سفرهم إلى تايلند، وذلك عبر تقديم خدمات الحجز وتحديد المواعيد عن بُعد، كما يمكن تقديم الاستشارة المبدئية عبر الإنترنت، بحيث يتواصل المريض ويرسل تقاريره الطبية للمستشفى، فيحصل على تقرير يوضح إمكانية العلاج وخطته، مع تحديد العلاج المقترح ومدته وتكاليفه.

وإذا قرر المريض السفر تتواصل الخدمات التي تقدمها المستشفيات عبر الاستقبال في المطار وترتيب خدمات الإقامة، حيث يمكن للمريض الإقامة داخل المستشفى بمستوى فندقي، أو يقيم خارجها وفي هذه الحالة يتمتع بخدمة النقل المجاني.

ويضيف إسماعيل أن المستشفى يساعد أيضا في تمديد التأشيرات عند الحاجة لمن تطول فترة علاجهم.

الترجمة إلى العربية

أما عن خدمة الترجمة إلى العربية، فيقول إن مستشفاه كما باقي المستشفيات الكبرى في بانكوك يهتم بها كثيرا وتقدم الخدمة سواء عن طريق عرب أقاموا في تايلند وأتقنوا لغتها، أو من مسلمي تايلند الذي نشؤوا ودرسوا في دول عربية، أبرزها السعودية ومصر قبل أن يعودوا إلى بلادهم للعمل.

وتحدثت الجزيرة نت أيضا إلى أحد الشبان التايلنديين العاملين بالترجمة في مستشفى كبير آخر هو مستشفى بمرنغراد الشهير بالمستشفى الأميركي، فأوضح أنه درس تخصص الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر بمصر، وعندما عاد إلى تايلند لم تتيسر له إلا وظيفة المترجم، لكنه يقول إنه يستمتع بها ويفتخر بأنه يقدم مساعدة مهمة للمرضى العرب بعد أن عاش ودرس في بلادهم.

وفي النهاية نشير إلى أنه من السهل أن تلمس ذلك الاهتمام الواضح بدعم السياحة العلاجية وتنشيطها في تايلند، لدرجة أن بعض المرضى باتوا يفضلونها على وجهات أخرى كانت رئيسية بالنسبة لهم من قبل.

وبالنظر إلى ارتفاع تكاليف العلاج في الولايات المتحدة وأوروبا، ومعها التحديات التي تعانيها أنظمة الرعاية الصحية في المنطقة العربية، يبدو من المتوقع أن تستمر أهمية تايلند كوجهة للسياحة العلاجية في التزايد.

وكما قال أحد من تحدثنا إليهم، فما أجمل أن تتلقى العلاج بالتوازي مع اكتشاف مدينة نابضة بالحياة، وبلد يتميز أهله بالطيبة، وأسعاره بالمعقولية ومؤسساته الصحية بالنظام، فضلا عن معالمه السياحية الجذابة التي تجمع بين سياحة الطبيعة والتسوق والعمارة.

القصر الملكي الكبير أحد أبرز المعالم السياحية في بانكوك (الجزيرة)
شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version