أعلنت رواندا رسميا انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس)، وذلك خلال القمة الـ26 للمنظمة التي عقدت أول أمس السبت في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو بحضور 7 من قادة الدول الأعضاء الـ11.

قمة إيكاس في مالابو (وسائل التواصل الاجتماعي)

وجاء القرار بعد أن قررت القمة في بيانها الختامي تمديد رئاسة غينيا الاستوائية للمنظمة لعام إضافي، وتأجيل تسليم الرئاسة الدورية إلى رواندا، وهو ما اعتبرته كيغالي تجاهلا متعمدا لحقها المشروع المنصوص عليه في المادة السادسة من الميثاق التأسيسي للمنظمة.

خلافات واتهامات بالتسييس

ووصفت وزارة الخارجية الرواندية القرار بأنه نتيجة لـ”استغلال المنظمة من قبل جمهورية الكونغو الديمقراطية بدعم من بعض الدول الأعضاء”، معتبرة أن هذا التوجه يعكس “تسييسا متعمدا لآليات المنظمة”، ويقوض مبادئها الأساسية.

Congolese soldiers patrol the town of Rutshuru in eastern Congo, January 28, 2009. Plans to integrate Tutsi rebels into Congo's army faltered before they could begin on Wednesday, underlining the challenges facing efforts to pacify the east despite renewed Congo-Rwanda cooperation. Separately,Ugandan Lord's Resistance Army rebels killed more than 100 people in a village in Congo in an apparent reprisal for army operations against them, the United Nations said on Tuesday.REUTERS/Alissa Everett (DEMOCRATIC REPUBLIC OF CONGO)
رغم المساعي العديدة لا يزال إسكات صوت البنادق في الكونغو الديمقراطية أمنية بعيدة المنال (رويترز)

وأشارت رواندا إلى أن هذا التجاوز ليس الأول من نوعه، إذ تم استبعادها سابقا من القمة الـ22 التي استضافتها كينشاسا عام 2023 تحت رئاسة الكونغو الديمقراطية.

ورغم احتجاج كيغالي آنذاك واعتبارها أن الإقصاء كان “غير قانوني” فإنه لم تُتخذ أي إجراءات تصحيحية، مما دفع رواندا إلى اعتبار “الصمت والجمود” دليلا على فشل المنظمة في احترام قوانينها الداخلية.

أجواء مشحونة

وكشفت وكالة الأنباء الفرنسية من مصادر من داخل القمة عن أن التوتر بلغ ذروته بين الوفدين الرواندي والكونغولي، حيث أبلغت كينشاسا مدعومة من بوروندي رفضها المشاركة في أي أنشطة تعقد على الأراضي الرواندية في حال تولت كيغالي الرئاسة.

وأفاد أحد مفوضي المنظمة بأن “الجدل بين وزيري خارجية رواندا والكونغو الديمقراطية كان محتدما، مما أدى إلى تعطيل أعمال القمة”.

وكانت جهود دبلوماسية عديدة قد بذلت -منها وساطة قطرية جمعت رئيسي الكونغو الديمقراطية ورواندا في الدوحة، مع سعي أميركي أيضا للتوصل إلى اتفاق بين البلدين- لم تؤت أكلها.

رغم الجهود الدولية المتعددة فإن التوتر ما زال يخيم على علاقة رواندا مع الكونغو الديمقراطية (الفرنسية)

انسحاب يحمل أبعادا إستراتيجية

وأكدت رواندا في بيانها أن المنظمة “لم تعد تعمل وفق مبادئها، ولا تخدم أهدافها”، مما دفعها إلى اتخاذ قرار الانسحاب الذي يعد ضربة قوية للمنظمة التي تضم 11 دولة، وتعنى بتعزيز التكامل الاقتصادي والأمن الإقليمي في وسط أفريقيا.

يذكر أن هذا الانسحاب يأتي في سياق توتر متصاعد بين كيغالي وكينشاسا على خلفية النزاع في شرق الكونغو الديمقراطية، حيث تتهم الأخيرة رواندا بدعم متمردي حركة “إم 23″، وهي اتهامات تنفيها كيغالي بشدة.

تداعيات محتملة على المنظمة

ويعد انسحاب رواندا العضوة في المنظمة منذ عام 2007 مؤشرا على هشاشة التكتلات الإقليمية في أفريقيا، خاصة حين تتغلب الحسابات السياسية على المبادئ الاقتصادية، كما يُفقد المنظمة أحد أكثر أعضائها ديناميكية من حيث النمو الاقتصادي والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا.

رواندا حققت نجاحات اقتصادية كبيرة وتوسعت الاستثمارات الأجنبية فيها بشكل كبير (الجزيرة)

من جهة أخرى، قد يدفع هذا القرار رواندا إلى تعزيز تحالفاتها داخل تكتلات بديلة مثل مجموعة شرق أفريقيا، والتي قد تتماشى أكثر مع توجهاتها الاقتصادية والجيوسياسية.

ولا يعد انسحاب رواندا من المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا مجرد خلاف دبلوماسي، بل يعكس أزمة ثقة أعمق تهدد مستقبل العمل الجماعي في القارة وقد يعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية فيها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version