أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه لن يرسل أي مسؤول حكومي أمريكي إلى قمة مجموعة العشرين (G20) المقرر عقدها في جنوب أفريقيا هذا العام، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بمعاملة المزارعين البيض في البلاد. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الخلافات بين واشنطن وبريتوريا، وتجدد الادعاءات التي يروج لها ترامب حول اضطهاد الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا.
وقد كتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي “Truth Social” يوم الجمعة، واصفًا استضافة جنوب أفريقيا للقمة بأنها “عار كامل”. وأضاف أن “الأفريكانر (الناطقين باللغة الأفريقانية من أصول هولندية وألمانية) يُقتلون ويُذبحون، وأراضيهم ومزارعهم تُصادر بشكل غير قانوني”.
تصعيد التوتر حول وضع المزارعين البيض في جنوب أفريقيا
تأتي تصريحات ترامب في سياق تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، والتي بدأت تتأزم في وقت سابق من هذا العام. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى قانون المصادرة الجديد الذي أقره الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في يناير، والذي يهدف إلى معالجة التفاوتات في ملكية الأراضي التي يعود تاريخها إلى حقبة الفصل العنصري.
خلفية قانون المصادرة الجديد
يهدف القانون الجديد إلى تسهيل عملية إعادة توزيع الأراضي، حيث يتيح للدولة مصادرة الأراضي دون تعويض في ظروف استثنائية، مثل الأراضي المهجورة. ومع ذلك، يرى منتقدون أن القانون قد يؤدي إلى مصادرة عشوائية للأراضي وتقويض حقوق الملكية.
وقد اتهم ترامب جنوب أفريقيا بـ “مصادرة الأراضي ومعاملة فئات معينة من الناس بشكل سيء للغاية”. وأضاف: “الولايات المتحدة لن تتسامح مع ذلك، وسنتصرف”. في مايو الماضي، منح ترامب اللجوء لـ 59 مواطنًا جنوب أفريقيًا من البيض كجزء من برنامج إعادة توطين وصفته واشنطن بأنه يوفر ملاذًا بعد التمييز العنصري.
في المقابل، نفى الرئيس رامافوزا بشدة هذه الادعاءات، مؤكدًا أن القانون يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وليس إلى استهداف أي مجموعة عرقية معينة. وأشار إلى أن وجود شخصيات بارزة من البيض في جنوب أفريقيا، مثل لاعبي الغولف إرني إلس وريتيف غوسن ورجل الأعمال يوهان روبرت، دليل على أن الوضع ليس كما يصفه ترامب.
الخلافات تتجاوز قضية الأراضي
يرى بعض المحللين أن تصريحات ترامب قد تكون مدفوعة أيضًا بغضب تجاه قضية رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في المحكمة الدولية بشأن الحرب في غزة. ويشير المؤرخ الجنوب أفريقي سول دوبو، أستاذ تاريخ الكومنولث في جامعة كامبريدج، إلى أنه “لا يوجد أي أساس لادعاءات ترامب بشأن الإبادة الجماعية للبيض”.
السياسة الخارجية الأمريكية تجاه جنوب أفريقيا تشهد تحولاً ملحوظاً. فقد أعلنت الإدارة الأمريكية مؤخرًا أنها ستخصص معظم حصص اللجوء الجديدة للمواطنين الجنوب أفريقيين البيض، مع خفض إجمالي عدد المقبولين سنويًا إلى 7500 شخص فقط. وذكر البيت الأبيض أن “أرقام القبول ستخصص بشكل أساسي للأفريكانر من جنوب أفريقيا بموجب الأمر التنفيذي 14204 وغيرهم من ضحايا التمييز غير القانوني أو الظالم في أوطانهم”.
العلاقات الدولية بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة أصبحت أكثر تعقيدًا. وقد أثار قرار ترامب ردود فعل متباينة في جنوب أفريقيا، حيث اعتبره البعض تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية للبلاد، بينما أيده آخرون.
من المتوقع أن تعقد قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ في 22 و 23 نوفمبر. في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل أي تمثيل رفيع المستوى إلى القمة. وستراقب الأوساط الدبلوماسية عن كثب التطورات في هذا الشأن، وتقييم تأثيرها على العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى مستقبل التعاون الدولي.

