|

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن المتقاعد نضال أبو زيد إن التصريحات الأخيرة لرئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير تعبر عن حالة من التشاؤم العميق تعكس حجم التخبط في القرار العسكري الإسرائيلي، في ظل تعثر تحقيق أهداف الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ قرابة عامين.

وأوضح أبو زيد في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة أن وصف زامير العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه “أعقد المعارك التي خاضها الجيش” يرتبط بفشل المنظومة العسكرية والسياسية في تثبيت مسار عملياتي واضح، إذ شهدت الحملة العسكرية 3 محطات ميدانية متغيرة، بدءا من عملية “السيوف الحديدية”، ثم “خطة الجنرالات”، وصولا إلى “عربات جدعون” التي وصفها بـ”السيئة الصيت”.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي قد أقر في تصريحات علنية بأن جيشه “يدفع ثمنا باهظا” نتيجة الحرب في قطاع غزة، مؤكدا استمرار العمليات لتحقيق أهداف، أبرزها إعادة الأسرى وتدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- اتساع الفجوة بين التصريحات السياسية والنتائج الميدانية المحققة حتى الآن.

ورأى أبو زيد أن التخبط في تبديل الإستراتيجيات يعكس فشل جيش الاحتلال في التكيف مع طبيعة المواجهة، ولا سيما أن القوات الإسرائيلية ما زالت تستخدم تكتيكات تقليدية في مواجهة مقاومة غير تقليدية، مما فاقم تعقيد المهمة العسكرية وفاقم الخسائر البشرية والمادية دون اقتراب من تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

واعتبر الخبير العسكري أن التصريحات المتشائمة التي تصدر عن زامير اليوم تعكس إدراكا ضمنيا بعدم فاعلية العملية العسكرية في تحقيق الغايات السياسية، مشيرا إلى أن “عربات جدعون” لم تحقق أي إنجاز يُذكر رغم الدعم الناري الضخم الذي رافقها، والدخول بـ5 فرق قتالية كان يُعتقد أنها كافية لحسم المعركة.

صفر خسائر

وتابع أبو زيد أن زامير تبنى في بداية العملية مفهوم “صفر خسائر”، معتقدا أن القوة النارية المركزية قد تضمن تفوقا ميدانيا سريعا، لكنه اصطدم بتعقيدات الواقع الميداني ومتانة البنية العسكرية للمقاومة، وهو ما أعاد الخطاب العسكري الإسرائيلي إلى المربع ذاته الذي انتهى إليه سلفه هرتسي هليفي قبل استقالته.

وأكد أن استمرار العمليات في مناطق مثل دير البلح لا يعبر عن تقدم نوعي، بل يدخل ضمن إطار تكرار المحاولات الفاشلة لفرض السيطرة دون نتائج ملموسة، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية عادت لتدفع أثمانا باهظة من دون مكاسب، مما يزيد ضغوط الشارع الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية على القيادة السياسية.

ورأى أبو زيد أن تعقيدات الميدان وتراكم الإخفاقات وتزايد الخسائر في الأرواح والمعدات كلها تدفع كبار الضباط -الذين يدركون حجم المأزق الإستراتيجي- إلى التلميح بضرورة انتهاج مسار دبلوماسي للخروج من “مستنقع غزة”، حسب وصفه.

وكان تقرير إسرائيلي قد كشف عن أزمة غير مسبوقة في صفوف الضباط بالجيش الإسرائيلي، وسط اعتراف رسمي من قيادة الجيش بحجم التآكل الذي أصاب وحداته القتالية، وبوجود فجوات حادة في القوى البشرية نتيجة الاستنزاف المستمر منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قُتل 893 عسكريا إسرائيليا وأصيب 6108 وفق إحصائيات جيش الاحتلال المعلنة، في وقت تؤكد فيه فصائل المقاومة أن الأرقام المعلنة أقل بكثير من الخسائر الحقيقية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version