حذرت فرنسا مواطنيها في مالي بمغادرة البلاد “في أقرب وقت ممكن” بسبب الحصار الذي تفرضه جماعة مسلحة، مما يعطل الحياة اليومية في العاصمة باماكو ومناطق أخرى من البلاد. هذا الوضع الأمني المتدهور في مالي دفع قوى عالمية أخرى لإجلاء موظفيها غير الضروريين. وتواجه الحكومة العسكرية الحالية صعوبات في مواجهة الجماعات المسلحة المختلفة، بما في ذلك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM).

منذ سبتمبر الماضي، استهدفت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، ناقلات الوقود، خاصة تلك القادمة من السنغال وساحل العاج، وهما المصدر الرئيسي لواردات مالي. وقد أدى هذا الحصار إلى شل حركة الاقتصاد في البلاد، مما أثر على مختلف جوانب الحياة اليومية.

تدهور الوضع الأمني في مالي

أفادت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها يوم الجمعة بأن الوضع الأمني في مالي قد تدهور بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك في العاصمة باماكو. وشددت الوزارة على ضرورة أن يخطط المواطنون الفرنسيون لمغادرة البلاد مؤقتًا في أقرب وقت ممكن عبر الرحلات التجارية المتاحة، مؤكدة أن السفر البري غير مستحسن نظرًا لاستمرار استهداف الطرق الوطنية من قبل الجماعات الإرهابية.

وفي حديث للصحفيين يوم الخميس، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، باسكال كونفافر، أن فرنسا تتابع الوضع الأمني المتدهور في مالي “باهتمام بالغ وقلق حقيقي”، مشيرًا إلى أن الوجود الدبلوماسي الفرنسي “لم يتغير” وأن السفارة لا تزال مفتوحة.

يأتي هذا الإعلان بعد إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا في الأسبوع الماضي عن إجلاء “الموظفين غير الضروريين” وعائلاتهم بسبب الوضع المتدهور. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت مجموعة الشحن Geneva-based MSC عن وقف عملياتها في مالي، معللة ذلك بحظر الوقود وتدهور الأوضاع الأمنية.

تداعيات الحصار على الحياة اليومية

فرض مقاتلو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين حصارًا على الوقود لع weeks، مما أدى إلى تدهور اقتصادي حاد في البلاد. وقد أجبرت الحكومة على إغلاق المدارس، ومنعت الحصاد في عدة مناطق، وقللت من إمكانية الوصول إلى الكهرباء. يُعد هذا الحصار هو الأول من نوعه الذي يستهدف العاصمة مباشرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا الرئيس أسيمي غويتا المواطنين إلى بذل قصارى جهدهم، وخاصة من خلال تقليل السفر غير الضروري، مع الوعد ببذل “كل ما في وسعه لتوفير الوقود”. لكن بالنسبة للعديد من المراقبين، يمثل هذا التصريح “اعترافًا فظيعًا بالفشل”، حسبما صرح عليون تين، الخبير المستقل السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في مالي.

كانت الحكومة العسكرية الحاكمة قد وعدت بالقضاء على حالة عدم الاستقرار المتزايدة التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من عقد. ومع ذلك، بعد قطع العلاقات مع الحلفاء العسكريين السابقين، بما في ذلك فرنسا، لجأت إلى الشراكة مع المرتزقة الروس لمواجهة الجماعات المسلحة. لكن الوضع يشير إلى أن الدولة المالية لم تعد تسيطر على أراضيها، بل تركز قواتها حول باماكو لتأمين النظام.

ويشير المحللون إلى أن الدعم الأولي للسكان للحكام العسكريين “بدأ في التلاشي في ظل عجز النظام العسكري عن الوفاء بوعده الأمني”.

أهداف الجماعات المسلحة

الهدف الرئيسي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين هو الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، وطرد النفوذ الغربي من منطقة سيطرتها. يرى بعض الخبراء أن الجماعة تسعى إلى السيطرة على العواصم الرئيسية، وفي نهاية المطاف، إلى حكم البلاد بأكملها. ومع ذلك، يرى مراقبون أن سقوط باماكو غير مرجح في الوقت الحالي، حيث تفتقر الجماعة إلى القدرات العسكرية والحوكمة اللازمة.

وفقًا لتشارلي ويرب، المحلل في Aldebaran Threat Consultants، “لا أعتقد أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تمتلك القدرة أو النية للاستيلاء على باماكو في الوقت الحالي، على الرغم من أن التهديد الذي تشكله للمدينة غير مسبوق”. تعتبر JNIM واحدة من عدة جماعات مسلحة تعمل في منطقة الساحل، وهي منطقة شاسعة من الصحاري شبه القاحلة تمتد من شمال إلى غرب أفريقيا، حيث تنتشر الاشتباكات واسعة النطاق.

وقد قتلت الجماعة الآلاف من الأشخاص منذ عام 2017. وتتهمها منظمات حقوق الإنسان بمهاجمة المدنيين، وخاصة أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم يساعدون القوات الحكومية. حالة الأمن في مالي تتطلب مراقبة دقيقة.

من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة، مع التركيز على الضغط على الحكومة المالية والجماعات المسلحة للعودة إلى طاولة التفاوض. وسيظل الوضع الإنساني والاقتصادي في مالي تحت المجهر في الأسابيع والأشهر القادمة. من المهم متابعة تطورات الوضع الأمني ونتائج الحوارات المحتملة، بالإضافة إلى تأثير الحصار المستمر على حياة السكان المحليين والمجتمع الدولي. مع استمرار الاضطرابات السياسية وتصاعد التهديد الإرهابي، يبقى مستقبل مالي غير مؤكد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version