|

تواجه المؤسسات الصحفية الخاصة في السنغال تحديات وجودية، أمام الضغوط الحكومية المتزايدة عليها، أدت إلى “خنقها” عبر فرض الضرائب، ووقف مصادر التمويل الحيوية لهذه المؤسسات، تحت ذريعة مكافحة الفساد والمحسوبية، وفق صحيفة ليبراسيون الفرنسية.

واستعرضت الكاتبة في الصحيفة، ليب أفريك، الحال الذي وصلت إليه بعض هذه المؤسسات التي اتخذت إجراءات تقشفية كبرى ضمن مساعي البقاء، في ظل الضربات القاسية التي تتعرض لها، والتي بلغت ذروتها من حيث الشدة والانتشار، وفقا لإبراهيما ليسا فاي مسؤول تنسيق جمعيات الصحافة.

وتنقل الكاتبة عن مامادو إبرا كاني، رئيس مجلس المذيعين والناشرين الصحفيين في السنغال، قوله إن “هناك إرادة سياسية للقضاء على الصحافة الخاصة”، لافتا إلى توقف دفع أموال “صندوق دعم الصحافة وتطويرها” منذ عام 2024، الذي تمت زيادة مخصصاته بنحو 50% في عام 2025، ليصل إلى 2.8 مليار فرنك أفريقي (4.3 ملايين يورو)، الأمر الذي قد يخفف من معاناة هذا القطاع الهش، وفق وصف كاني.

ممارسات غير شفافة

وتبرر وزارة الاتصالات في السنغال إيقاف التمويل “بإعادة صياغة الإطار التنظيمي” للصندوق، بعد تعرضه للتلاعب، إذ خصصت 65% من الميزانية لمستفيدين غير مؤهلين أو استهلكت على نفقات غير مؤهلة، بحسب مسؤول في الوزارة.

وتحت الذريعة ذاتها، علقت الحكومة العقود الإعلانية مع المؤسسات الصحفية الخاصة، وطالبت بضرورة “وضع حد للممارسات غير الشفافة التي تصل أحيانا إلى حد المحسوبية، وتضر بوسائل الإعلام الجادة”، مؤكدة أن الأمر لا يتعلق بفرض عقوبات، بل بضرورة الشفافية في استخدام الأموال العامة.

ونقلت الكاتبة جانبا من تداعيات الإجراءات الحكومية القاسية على المؤسسات الصحفية الخاصة، لا سيما على العاملين فيها، مثل دامي كامباتيبي المدير الفني في مجموعة “إيميديا” الخاصة، حيث يبدأ شهره الحادي عشر من دون راتب، ولديه قلق دائم بشأن إيجار منزله، ومصاريف أطفاله الثلاثة، وكبرى بناته التي اضطرت إلى التخلي عن دراسة الماجستير.

المؤسسات الصحفية السنغالية اتهمت الرئيس ديوماي (الصورة) ورئيس الوزراء بالتراجع عن اتفاق شطب ديونها الضريبية (رويترز)

وانتقلت إيميديا في أكتوبر/تشرين أول 2024 إلى مكاتب أخرى ضيقة في العاصمة دكار، لكنها أرخص بثلاث مرات من المكاتب السابقة، ويعلق كامباتيبي “لقد وضعنا الفيل في علبة ثقاب”، كمحاولة أخيرة لبقاء المجموعة التي تضم 160 موظفا على قيد الحياة.

ويقول ألاسان سامبا ديوب، المدير العام لمجموعة “إيميديا” التي نشأت عام 2018، وبالكاد تتعافى من الآثار السالبة لأزمة كوفيد، إن التمويل “توقف من دون سابق إنذار، لقد خنقنا”، إذ تسهم اتفاقيات الإعلان مع الوكالات أو الشركات العامة التي عُلّقت حتى إشعار آخر بأكثر من 70% من الإيرادات للمجموعة.

وبدأ نزيف الموظفين بعد شهرين أو 3 أشهر من عدم دفع الرواتب، وفق ديوب، إذ لم يبق سوى قرابة 30 موظفا متحمسا”، لافتا إلى ضربة أخرى قاسية تتمثل بالضغط الضريبي، إذ تراجع كل من الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو عن شطب الديون الضريبية على شركات الصحافة التي تم التفاوض عليها في مارس/آذار 2024 مع الرئيس السابق ماكي سال، واعتبروا هذه الديون المستحقة “اختلاسا للأموال العامة”.

هجوم على الإعلام

وشن رئيس الوزراء عثمان سونكو هجوما عنيفا على وسائل الإعلام، خلال اجتماع لحزب “باستيف” في 10 يوليو/تموز الماضي، واستهدف على وجه التحديد مجموعة “إعلام المستقبل” قائلا: “سأحاربهم حتى النهاية”. وبعد 4 أيام، وُضع بادارا غادياغا، الكاتب الشهير بالمجموعة، في الحبس الاحتياطي بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.

كما هاجم سونكو رئيس الدولة بالقول إن “السنغال تعاني من مشكلة في السلطة”، وأعضاء المجتمع المدني، ووصفهم بـ”الحثالة” و”الممولين من الخارج”.

وهنا، تساءل عليون تين، أحد أقدم ناشطي المجتمع المدني ومؤسس مركز “أفريكاجوم الفكري”: “هل ينوي خنقنا كما خنق الصحافة؟”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version