حذّر المراسل العسكري لصحيفة معاريف، آفي أشكنازي، من خطورة الأسلوب القتالي الجديد الذي تعتمده كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

وأكد أشكنازي أن هذه التكتيكات تجعل الجنود “مثل البط في ميدان الرماية”.

وقال إن ما يجري في غزة يعكس فشل الجيش الإسرائيلي في استخلاص الدروس وتطوير حلول لمواجهة حرب العصابات، داعيا إلى التفكير بإنهاء الحرب لتفادي خسائر أكبر، ومهاجما حكومة بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) التي تتفاخر بإنجازات وهمية وتفتقر إلى رؤية إستراتيجية.

جيش الاحتلال يواصل عمليته العسكرية رغم الخسائر (غيتي)

تكتيك قاتل

واستعرض أشكنازي تفاصيل الهجوم الأخير في شمال قطاع غزة الذي أسفر عن مقتل 4 جنود إسرائيليين من سلاح المدرعات.

واعتبر أن العملية التي نفذتها المقاومة مقلقه للغاية، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي استثمر كثيرا في حماية المركبات والدبابات عبر الفولاذ السميك وأنظمة الحماية، لكن حماس تدرك أنها لا تستطيع مواجهة هذه التكنولوجيا مباشرة، لذلك تركز على الجنود أنفسهم.

وأوضح أن إستراتيجية القتال لدى حماس تتمثل في مهاجمة قائد الدبابة أولا عبر القنص أو إطلاق النار من مسافة قريبة، ثم يقفز أحد المقاتلين ويلقي عبوة ناسفة قوية داخلها، مما يؤدي إلى قتل الطاقم بأكمله. وهذا يحدث للمرة الخامسة داخل غزة”.

وأضاف أن القوات الإسرائيلية التي تعود من مهامها داخل مدينة غزة، خاصة في الأحياء الشمالية، غالبا ما تكون في وضعية دفاعية، وعندما تتباطأ أو تتوقف تصبح هدفا مثاليا للكمائن.

وأضاف “إنهم مخططون جيدون، رأينا ذلك في خان يونس وأماكن أخرى، بينما الجيش لا يتعلم الدروس ولا يجد حلولا. حماس لديها طريقة عمل جديدة تستغل نقاط ضعفنا بدقة، وهذه هي حرب العصابات بعينها”.

دبابات إسرائيلية خلال توغلها في قطاع غزة (غيتي)

استثمار فاشل

وشدّد المراسل العسكري على أن استثمار إسرائيل مليارات الشواكل في التدريع والحماية لم يحقق النتيجة المرجوة. وعلق قائلا “بدلا من أن نكون المبادرين، نحن نستثمر في الحماية وفي النهاية يحدث ما يحدث. نحن مثل البط في ميدان الرماية”.

وحذّر من أن مواصلة الجيش عملياته الحالية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر، مضيفا: “الجواب الحقيقي هو إنهاء الحرب. نحن نتورط في الوحل هناك”.

كما قال “الحدث في غزة مؤشّر على الأثمان التي قد تدفعها إسرائيل في استمرار حرب بلا غاية حقيقية. لا طريق لها ولا أهداف. الجيش غارق منذ زمن في رمال غزة المتحرّكة، التي هي أسوأ من وحل لبنان في الماضي”.

وأشار أشكنازي إلى أن إسرائيل نزفت أمس مع مقتل 11 شخصا وإصابة العشرات في 3 حوادث خطيرة: الأولى في جباليا وأسفرت عن مقتل 4 جنود من سلاح المدرعات وإصابة آخر من لواء ناحال، والثانية عند مفترق راموت، حيث قتل مسلحان 6 إسرائيليين وأصابوا عشرات آخرين في إطلاق نار مباشر، والثالثة في وادي عارة حيث قتل شرطي أثناء محاولته إحباط تهريب أسلحة.

وقال إن تجارة السلاح تمثل مشكلة وطنية كبرى موضحا: “الأسلحة التي تدخل مقابل مبالغ كبيرة مخصصة للإرهاب والجريمة.. من عمليات الاغتيال اليومية في المجتمع العربي إلى حوادث إجرامية أخرى، يعرف الإسرائيليون منذ زمن أنه لا يوجد سيطرة أمنية في الشمال أو الجنوب أو المركز، وأن الشرطة ضعيفة في مواجهة العصابات والمنظمات الإجرامية”.

أحداث مترابطة

ورأى المراسل العسكري أن الأحداث الثلاثة مترابطة وتعكس مأزق إسرائيل الإستراتيجي، وأشار إلى أن الجيش مضطر لخوض مواجهة مع خلايا حرب عصابات تتعلم نقاط ضعفه وتضربه عبرها، وهو واقع ينسحب على غزة كما على الضفة الغربية والقدس ومناطق الـ48، على حد وصفه.

لم يوفّر أشكنازي انتقاداته للحكومة الإسرائيلية، قائلا: “المشكلة الكبرى هي غياب قيادة ترى بضع خطوات إلى الأمام لصياغة سياسة واضحة للتعامل مع التحديات. الوزراء يتحدثون كثيرا، خصوصا لجمهورهم الداخلي، لكنهم ضعفاء في الإدارة والإستراتيجية ويفتقرون إلى الطموح السياسي والفهم الأمني الواسع”.

وأضاف أن “غياب هذه الرؤية يمنح الطرف الآخر اليد العليا، والنتيجة أن حماس والفصائل الأخرى تفهم ذلك جيدا، وتفرض ببساطة أجندتها القاتلة على جميع الجبهات”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version