12/8/2025–|آخر تحديث: 16:37 (توقيت مكة)
تداول ناشطون وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة صورا ومقاطع فيديو على نطاق واسع قيل إنها لتشييد أول سجن عائم في العالم، في خطوة نسبت إلى دولة سنغافورة.
والمشاهد المتداولة صُوّرت على أنها منشأة بحرية قادرة على استيعاب أكثر من ألفي سجين، ومزودة بتقنيات مراقبة متطورة ووحدات دوريات روبوتية، وقادرة -وفق المزاعم- على إنهاء مشكلة الاكتظاظ وحماية المجتمع من الهروب.
وفي هذا التقرير تتبع فريق “الجزيرة تحقق” مصادر هذه المزاعم، وصحة الصور ومقاطع الفيديو المتداولة للمنشأة البحرية التي وُصفت بأنها نموذج لأول سجن يحتذى به.
قصة انتشرت بسرعة
المقاطع المتداولة -التي وصفت بأنها من داخل “أول سجن عائم” في العالم- شُيّد -وفق المزاعم- على عمق 500 متر من الشاطئ، ليجمع بين التحصين الأمني وتقليص فرص الهروب.
ونسج ناشرو هذه المقاطع رواية كاملة عن مرفق متطور يضم أنظمة مراقبة بالذكاء الاصطناعي ودوريات روبوتية و”سياجا جغرافيا افتراضيا” بديلا عن القضبان التقليدية، مؤكدين أن الهدف هو معالجة الاكتظاظ في السجون وضبط الأمن بأقصى درجات الكفاءة.
Singapore unveiled the world’s first floating prison, a large offshore facility to house hundreds of inmates. It aims to reduce overcrowding and enhance security with AI surveillance, restricted access, and no escape routes—just steel, sea, and total control. pic.twitter.com/4Y0ANEw4gj
— NextBestMe (@Nextbest_me) August 6, 2025
وذهب بعض المدونين أبعد من ذلك، واعتبروا أن سنغافورة تقدم نموذجا جريئا للابتكار في البحر، إذ يركز هذا “السجن العائم” -بحسب الوصف- على إعادة التأهيل عبر التعليم والتدريب المهني، ومساعدة النزلاء على الاندماج مجددا في المجتمع بكرامة، في بلد يعاني من ندرة الأراضي.
لكن هذه الرواية -التي أثارت الإعجاب لدى البعض- ولّدت أيضا جدلا حقوقيا، إذ رأى ناشطون أن أي تصميم كهذا يفرض عزلة قاسية قد تؤثر على الصحة النفسية، وحذروا من أن الابتكار لا ينبغي أن يكون على حساب قيم الرحمة والعدالة وصون الكرامة الإنسانية.
Singapore’s floating prison is a bold, futuristic solution to overcrowding—but it raises deep questions about isolation, rehabilitation, and human dignity. Innovation must be balanced with compassion and justice.#Singapore #FloatingPrison pic.twitter.com/mFSz0z6EhR
— The vision of JOY (@JoyInterest001) August 6, 2025
🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥
SINGAPORE 🇸🇬 UNLEASH
FLOATING PRISON
2,000 Prisoners
500m offshoreNot the first floating Prison as the photo suggest, as GITMO had a floating Prison.
🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥
Singapore has unveiled the world’s first floating prison—an advanced, purpose-built… pic.twitter.com/ynmxSuWuze
— 💙 X_R_P 🦋 V_R_A 💙 (@XRP_DigiGold) August 3, 2025
سجن غير موجود
ليست هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها “السجن العائم” عناوين منصات التواصل، إذ رصد فريق “الجزيرة تحقق” صورا ومقاطع مماثلة جرى تداولها في يوليو/تموز الماضي، وقُدّمت بنفس الصياغة المثيرة على أنها توثق منشأة بحرية في سنغافورة.
لكن هيئة السجون السنغافورية (إس بي إس) سارعت حينها إلى إصدار بيان رسمي نفت فيه بشكل قاطع هذه المزاعم، مؤكدة “ندرك وجود منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن سنغافورة أطلقت أول سجن عائم في العالم، وهذا غير صحيح، لم نجرِ أي مناقشات أو نضع أي خطط لمثل هذا المشروع، ولا توجد حاجة إليه”.
ودعت الهيئة -التي نشرت توضيحها عبر موقعها الرسمي وصفحتها على فيسبوك- الجمهور إلى التوقف عن إعادة نشر هذه الادعاءات أو الانخداع بما وصفتها بـ”القصص غير الواقعية”، في تأكيد واضح على أن ما يتم تداوله لا يعدو كونه جزءا من موجة معلومات مضللة.
حقيقة الصور المتداولة
وأظهر التحقيق الذي أجراه فريق “الجزيرة تحقق” أن الصور المنسوبة إلى “السجن العائم في سنغافورة” لا علاقة لها بالبلاد مطلقا، بل تعود في الواقع إلى بارجة “بيبي ستوكهولم” الراسية جنوب بريطانيا، والتي خصصتها الحكومة البريطانية في أغسطس/آب 2023 لإيواء طالبي اللجوء ضمن خطة لخفض تكاليف إقامتهم في الفنادق.
وباستخدام أداة “التجول الافتراضي” (Street View) في خرائط غوغل قارن الفريق بين صور التقطت للبارجة في مايو/أيار 2024 والمشاهد المتداولة على الإنترنت، ليتضح التطابق الكامل في التفاصيل المعمارية والموقع.
كما تبين أن أحد مقاطع الفيديو المنتشرة مأخوذ من تقرير بثته وسائل إعلام بريطانية يوثق لحظة سحب البارجة، وليس من أي مشروع في سنغافورة.
The British government has built a floating prison for migrants who entered the country illegally. pic.twitter.com/p27hBnavgZ
— S p r i n t e r (@SprinterObserve) July 22, 2023
أما إحدى الصور الأخرى -التي بدت بتصميم مستقبلي مبهر- فقد كشف تحليل تقني باستخدام أداة متخصصة في كشف الزيف العميق أنها صورة مولدة بالكامل بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد أن المشاهد المتداولة كانت مزيجا من محتوى حقيقي خارج سياقه وصور مصطنعة لتعزيز السردية المضللة.