أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم، يوم الخميس، عن تعليق مؤقت لبرنامج تأشيرة التنوع، وذلك على خلفية حادثة إطلاق النار في جامعة براون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) والتي ارتكبها مواطن برتغالي دخل الولايات المتحدة من خلال هذا البرنامج. يأتي هذا الإجراء وسط جدل متزايد حول معايير الأهلية وإجراءات الفحص الأمني للمتقدمين لهذه التأشيرة.
وقالت نويم إنها أمرت دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية (USCIS) بإجراء مراجعة شاملة لعمليات التقديم والموافقة على تأشيرات التنوع، بهدف تحديد الثغرات المحتملة وتعزيز الأمن القومي. وتأتي هذه الخطوة بعد أن كشفت التحقيقات أن كلاوديو نيفيس فالينتي، المشتبه به في إطلاق النار، حصل على تأشيرة طالب في عام 2000 ثم أصبح مقيمًا دائمًا في عام 2017.
برنامج تأشيرة التنوع: نظرة عامة
يهدف برنامج تأشيرة التنوع (DV-1) إلى زيادة التنوع العرقي والجغرافي في الولايات المتحدة من خلال توفير ما يصل إلى 50 ألف تأشيرة هجرة سنوية للمواطنين من الدول التي لديها معدلات هجرة منخفضة إلى الولايات المتحدة. تُوزع التأشيرات عن طريق قرعة عشوائية، مما يجعلها فرصة متاحة للأفراد من مختلف أنحاء العالم.
وفقًا لبيانات دائرة خدمات المواطنة والهجرة، تقدم لحصول على تأشيرة التنوع لعام 2025 حوالي 20 مليون شخص، وتم اختيار أكثر من 131 ألفًا كفائزين محتملين. يجب على الفائزين بعد ذلك استيفاء جميع متطلبات الأهلية والخضوع لفحوصات أمنية مكثفة قبل أن يتمكنوا من الهجرة إلى الولايات المتحدة.
تفاصيل حادثة إطلاق النار
توفي كلاوديو مانويل نيفيس فالينتي، البالغ من العمر 48 عامًا، بعد إطلاقه النار على نفسه، وفقًا لما أعلنه رئيس شرطة بروفيدنس أوسكار بيريز والمدعي العام لولاية رود آيلاند بيتر نيرونا. وكان فالينتي طالب دكتوراه سابق في الفيزياء بجامعة براون، حيث التحق بالجامعة عام 2000 ودرس لفترة قصيرة قبل أن ينسحب.
تشير التحقيقات إلى أن فالينتي كان له صلة بمبنى “باروس آند هولي” الهندسي في جامعة براون، والذي كان هدفًا للهجوم. كما كشفت السلطات عن تورطه في حادثة منفصلة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث عُثر على أستاذ متوفى بعد يومين من إطلاق النار في رود آيلاند. لم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية حول هذه الحادثة.
أكدت السلطات أنه لا يوجد دليل يشير إلى أن فالينتي كان يعمل مع أي شخص آخر في التخطيط أو تنفيذ الهجمات. وقد تمكن المحققون من تتبع تحركاته قبل وبعد الهجوم، بما في ذلك السيارة التي استأجرها من وكالة في ولاية ماساتشوستس.
تداعيات تعليق برنامج التأشيرة
يثير تعليق برنامج تأشيرة التنوع تساؤلات حول تأثيره على المتقدمين المحتملين، خاصةً أولئك القادمين من الدول التي تعتمد بشكل كبير على هذا البرنامج كطريق للهجرة إلى الولايات المتحدة. قد يؤدي هذا الإجراء إلى تأخيرات كبيرة أو رفض طلبات العديد من الأفراد الذين كانوا يعتمدون على هذه التأشيرة لتحقيق أحلامهم في الهجرة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يثير هذا القرار جدلاً سياسياً حول سياسات الهجرة الأمريكية، حيث يرى البعض أن برنامج تأشيرة التنوع يمثل فرصة مهمة للأفراد من خلفيات متنوعة، بينما يرى آخرون أنه يشكل خطرًا أمنيًا محتملاً. هذا الجدل ليس جديدًا، فقد عارض الرئيس السابق دونالد ترامب البرنامج بشكل علني.
تأتي هذه الخطوة أيضًا في أعقاب إجراءات مماثلة اتخذتها إدارة ترامب بعد هجمات إرهابية، والتي فرضت قيودًا صارمة على الهجرة من أفغانستان ودول أخرى. وتشير هذه الإجراءات إلى اتجاه متزايد نحو تشديد الرقابة على المهاجرين وتعزيز الأمن القومي.
من المتوقع أن تستمر دائرة خدمات المواطنة والهجرة في مراجعة إجراءات برنامج تأشيرة التنوع خلال الأسابيع والأشهر القادمة. سيراقب المراقبون عن كثب نتائج هذه المراجعة وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات دائمة في البرنامج. كما سيتابعون أي تطورات جديدة في التحقيقات المتعلقة بحادثة إطلاق النار في جامعة براون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي قد تلقي الضوء على دوافع الجاني وعلاقاته المحتملة.
الوضع الحالي يتطلب الحذر والتحليل الدقيق، مع الأخذ في الاعتبار التوازن بين الأمن القومي وحقوق المهاجرين. من المهم أيضًا مراعاة التأثير المحتمل لهذه الإجراءات على التنوع الثقافي والاجتماعي في الولايات المتحدة، وهو ما يعتبره الكثيرون من نقاط القوة الرئيسية للبلاد. النقاش حول الهجرة والأمن والتنوع سيستمر بلا شك في الولايات المتحدة في المستقبل المنظور.

