أعلنت إيران، السبت، عن تعيين جلال دهقاني فيروز آبادي أميناً للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وهو منصب بالغ الأهمية في تحديد مسار السياسة الخارجية الإيرانية. يأتي هذا التعيين في ظل توترات إقليمية متزايدة وتوقعات بمناقشات حاسمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
التحول في قيادة المجلس الاستراتيجي، الذي كان يشغله سابقاً علي باقري، يعكس إعادة ترتيب داخلية في طهران مع اقترابها من مفاوضات محتملة بشأن الملف النووي، ووسط مخاوف متصاعدة من تصعيد عسكري. باقري تم تعيينه نائباً للشؤون الدولية في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي، مما يشير إلى دور متزايد له في عملية صنع القرار الأمني.
أهمية المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في السياسة الخارجية الإيرانية
المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية هو هيئة استشارية رفيعة المستوى تقدم المشورة للقيادة الإيرانية بشأن القضايا الدولية. يترأس المجلس كمال خرازي، وهو دبلوماسي مخضرم ووزير خارجية سابق، مما يمنحه نفوذاً كبيراً في صياغة الاستراتيجيات الخارجية. يعتبر المجلس مركزاً للتفكير الاستراتيجي، ويساهم في تحليل التحديات والفرص التي تواجه إيران على الساحة الدولية.
دور المجلس في ملف الاتفاق النووي
لعب المجلس دوراً محورياً في تقييم الاتفاق النووي لعام 2015، ودعم فكرة استخدامه كبوابة لفتح الاقتصاد الإيراني. بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018، ساهم المجلس في صياغة استراتيجية “الضغط التدريجي” وخفض الالتزامات النووية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع دول مثل الصين وروسيا. هذه المرحلة عززت مفهوم “التحول شرقاً” كبديل استراتيجي لإيران.
إعادة التموضع الإقليمي لإيران
في السنوات الأخيرة، ساهم المجلس في تحليل التوترات المتصاعدة في المنطقة، ودعم مقاربة “الردع الإقليمي” من خلال الحلفاء والشركاء. مع بدء موجة المصالحات الإقليمية، وخاصة مع المملكة العربية السعودية، لعب المجلس دوراً في دعم خيار خفض التوتر الإقليمي لتحسين البيئة الاقتصادية. تهدف هذه المصالحات إلى تعزيز الدبلوماسية متعددة المسارات مع دول الخليج وتركيا وآسيا الوسطى.
التوقيت والتحديات المحيطة بالتعيين
يأتي هذا التعيين في وقت حرج، حيث تتزايد التقارير عن استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعرض خيارات عسكرية جديدة ضد إيران خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي في نهاية ديسمبر. تعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني والأنشطة الصاروخية الباليستية تهديداً وجودياً لأمنها. في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن طهران منفتحة على الدبلوماسية، لكنها تشترط تحقيق “نتيجة عادلة ومتوازنة” في أي مفاوضات مستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه إيران تحديات اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات الدولية. تعتمد قدرة إيران على تحقيق أهدافها في العلاقات الدولية على قدرتها على إدارة هذه التحديات الاقتصادية والسياسية المعقدة. تعتبر قضية البرنامج النووي الإيراني من القضايا الرئيسية التي تؤثر على السياسة الإقليمية وعلى العلاقات مع القوى العالمية.
من المتوقع أن يركز جلال دهقاني فيروز آبادي في منصبه الجديد على تعزيز الدبلوماسية الإيرانية، وتنسيق الجهود مع مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية. ومع ذلك، يبقى مستقبل المفاوضات النووية غير مؤكد، ويتوقف على استعداد الولايات المتحدة لتقديم تنازلات. سيكون من المهم مراقبة التطورات في المنطقة، وخاصة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لتقييم تأثيرها على السياسة الخارجية الإيرانية.
في الأيام والأسابيع القادمة، من المتوقع أن تشهد المنطقة تطورات حاسمة في ملف البرنامج النووي الإيراني والعلاقات الإقليمية. سيكون من الضروري متابعة ردود فعل الأطراف المعنية على التعيين الجديد، وتقييم تأثيره على مسار المفاوضات المحتملة. يبقى التحدي الأكبر أمام إيران هو تحقيق التوازن بين الحفاظ على مصالحها الوطنية وتجنب التصعيد العسكري.

