من المتوقع أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع السودانية، وذلك على خلفية اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلاد، وخاصةً في مدينة الفاشر. جاء الإعلان عن هذه العقوبات المحتملة من ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين يوم الأربعاء، ويأتي في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه المقترحات خلال اجتماعهم في بروكسل يوم الخميس.

تهدف العقوبات، بحسب المصادر، إلى حظر سفر دقلو إلى دول الاتحاد الأوروبي وتجميد أي أصول له موجودة داخل التكتل. هذا الإجراء يأتي بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، وهي واحدة من أكبر مدن السودان، مما أثار مخاوف دولية واسعة النطاق من وقوع عمليات قتل جماعي واستهداف للمدنيين.

تصعيد الضغوط الدولية على قوات الدعم السريع

تعتبر الحرب في السودان من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حاليًا، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ملايين السودانيين يعانون من الجوع والنزوح. وتأتي العقوبات الأوروبية في أعقاب إعلان بريطانيا عن نيتها فرض عقوبات مماثلة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مما يعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن العنف في السودان.

أكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن باريس “ملتزمة تمامًا بتحقيق وقف إطلاق النار في السودان ومكافحة الإفلات من العقاب”، معربًا عن دعمها للعقوبات الأوروبية كأداة لتحقيق هذه الأهداف. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس قلقًا أوروبيًا عميقًا بشأن استمرار القتال وتداعياته الإنسانية والأمنية.

يتبنى الاتحاد الأوروبي، وفقًا للمصادر، نهجًا تدريجيًا في فرض العقوبات، مع الحرص على الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة. يهدف هذا التكتيك إلى الضغط على قوات الدعم السريع لوقف الانتهاكات دون إغلاق الباب أمام أي حل سياسي للأزمة.

التحقيقات الدولية في الفاشر

بالتزامن مع هذه التطورات، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا بإنشاء بعثة مستقلة لتقصي الحقائق حول عمليات “القتل الجماعي” التي يُزعم أنها ارتكبت في الفاشر. وستقوم البعثة بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم، وتقديم الدعم للجهود الرامية إلى ضمان محاسبتهم.

القرار الأممي يدين بشدة “تصاعد العنف والانتهاكات” التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المرتبطة بها، بما في ذلك القتل على أساس عرقي والتعذيب والإعدام الميداني والتجنيد القسري والعنف الجنسي. في المقابل، تنفي قوات الدعم السريع استهداف المدنيين وتتهم “جهات مارقة” بالوقوف وراء هذه الأفعال.

وتشير تقارير شهود عيان إلى أن المدنيين في الفاشر تعرضوا لإطلاق نار عشوائي ودهس بشاحنات وقصف جوي بواسطة طائرات مسيرة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة. ومع ذلك، يزعم قائد في قوات الدعم السريع أن تحقيقات داخلية جارية وأن أي شخص يثبت تورطه في انتهاكات سيحاسب.

زاد عدد النازحين في السودان بشكل كبير بسبب الحرب، حيث بلغ حوالي 12.5 مليون شخص حتى منتصف أكتوبر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، فرّ حوالي 140 ألف سوداني منذ شن قوات الدعم السريع هجماتها على الفاشر ومدن أخرى في منطقة كردفان. هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة تتطلب استجابة دولية عاجلة.

من المتوقع أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تفاصيل العقوبات المقترحة على دقلو، بما في ذلك قائمة الأفراد والكيانات المستهدفة. كما سيراقبون عن كثب تطورات الوضع في الفاشر وجهود الأمم المتحدة لتقصي الحقائق وتقديم المساعدة الإنسانية. الخطوات التالية ستعتمد على مدى استجابة قوات الدعم السريع للضغوط الدولية ومدى التقدم في الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار في السودان.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version