أعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، عن خطط شاملة لتعزيز الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، وذلك في مواجهة التحديات المتزايدة مثل اضطرابات سلاسل الإمداد ونقص المعادن النادرة. تهدف هذه الخطط إلى تحسين آليات التجارة الحالية وتطبيق أدوات جديدة للدفاع عن المصالح الاقتصادية للتكتل المكون من 27 دولة، في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية.

تأتي هذه المبادرة في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة والصين، بما في ذلك التعريفات الجمركية والقيود على تصدير المواد الاستراتيجية مثل المعادن النادرة والرقائق الإلكترونية. وتسعى المفوضية إلى ضمان قدرة الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على ريادته في مجال التصنيع والتكنولوجيا، وتجنب التخلف عن المنافسين الرئيسيين في القطاعات الناشئة مثل البطاريات والذكاء الاصطناعي.

تعزيز الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي: استراتيجية شاملة

تركز الاستراتيجية الجديدة على تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء والشركات لمراجعة وتقييم سلاسل الإمدادات الحالية، بالإضافة إلى قواعد الاستثمار الوارد إلى الاتحاد الأوروبي. ويشمل ذلك قطاعات حيوية مثل الدفاع والفضاء، وتقييم نقاط القوة والضعف في التقنيات الجديدة والبنية التحتية الأساسية. ويهدف هذا التقييم الشامل إلى تحديد المخاطر المحتملة ووضع خطط للتخفيف من آثارها.

تدابير تجارية جديدة

أكد مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتيش، على ضرورة التحول من ردود الفعل المتأخرة إلى سياسات استباقية. وأشار إلى أن المفوضية ستعمل على تسريع تطبيق التدابير التجارية الحالية، مثل الرسوم المضادة للإغراق والرسوم المضادة للدعم، والتي تستغرق حالياً وقتاً طويلاً لإصدارها. بالإضافة إلى ذلك، سيتم دراسة إمكانية تطبيق تدابير جديدة لمواجهة الممارسات التجارية غير العادلة وتشوهات السوق، بما في ذلك معالجة مشكلة الطاقة الإنتاجية الفائضة.

وتشمل المقترحات تشجيع الشركات العاملة في القطاعات الاستراتيجية على تنويع مصادرها وتقليل الاعتماد على مورد واحد، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية للشركات الأوروبية في المناقصات العامة للعمل في هذه القطاعات. وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز القدرة التنافسية للشركات الأوروبية وضمان استقرار سلاسل الإمداد.

الاستفادة من التجارب الدولية

تستلهم المفوضية الأوروبية من تجارب دول أخرى في مجال تعزيز الأمن الاقتصادي، وخاصةً اليابان. ففي عام 2010، ردت اليابان على تعليق الصين لصادراتها من المعادن النادرة من خلال تنويع مصادرها وزيادة جهود إعادة التدوير وبناء احتياطيات استراتيجية وإقامة شراكات جديدة. ويرى الاتحاد الأوروبي أن هذه الدروس يمكن أن تكون مفيدة في تطوير استراتيجيته الخاصة.

وبحسب نائب رئيس المفوضية، ستيفان سيجورن، قد يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى جعل بعض تدابير تنويع المصادر إلزامية للشركات الأوروبية. وأضاف أن الشركات الأوروبية يجب أن تقلل من اعتمادها الكامل على المنتجات الصينية، على غرار ما تفعله الشركات اليابانية والأمريكية والهندية. وهذا يعكس قلقاً متزايداً بشأن المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على مصدر واحد للإمدادات.

بالإضافة إلى ذلك، سيولي الاتحاد الأوروبي الأولوية لدعم الشركات التي تعمل على تقليل الاعتماد على الخارج في القطاعات والتقنيات الحيوية. وسيتم منع الكيانات التي تشكل مخاطر عالية من الاستفادة من أموال الاتحاد الأوروبي، وتعزيز فحص الاستثمارات الواردة إلى الاتحاد لضمان عدم تهديدها الأمن القومي أو الاقتصادي.

وتشمل التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي أيضاً الحاجة إلى تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية في مجال التكنولوجيا، وتطوير قدرات محلية في القطاعات الرئيسية مثل أشباه الموصلات والبطاريات. ويتطلب ذلك استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، بالإضافة إلى سياسات صناعية داعمة.

من المتوقع أن تواصل المفوضية الأوروبية العمل على تفاصيل هذه الخطط، وتقديم مقترحات تشريعية ملموسة في الأشهر المقبلة. ومن المقرر أن تراجع المفوضية بحلول الربع الثالث من عام 2026 سبل تسريع تطبيق التدابير التجارية الحالية. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم مدى فعالية هذه الإجراءات في تعزيز الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version