من المتوقع أن تقدم المفوضية الأوروبية إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قائمة تضم عشرات المنتجات التي تطلب إعفاءها من الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة، في محاولة لتخفيف حدة التوترات التجارية وتعزيز الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطوة في ظل مراجعة ترمب لسياساته التجارية، وتقليله مؤخرًا من بعض الرسوم الجمركية على السلع العالمية.
تضم القائمة، التي تتكون من 27 صفحة، سلعًا متنوعة تشمل مواد غذائية أساسية مثل المعكرونة والجبن وزيت الزيتون، بالإضافة إلى منتجات أخرى ذات أهمية اقتصادية للاتحاد الأوروبي، كمشروبات الكحولية والنبيذ والأجهزة الطبية والنظارات الشمسية، وحتى الروبوتات الصناعية والأدوات والأقمشة.
تخفيف الرسوم الجمركية: مطالب أوروبية في مواجهة تغييرات ترمب
تأتي هذه المطالبات بعد اتفاق تجاري محدود تم التوصل إليه بين ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو الماضي. بينما استثنى الاتفاق بعض القطاعات مثل الطائرات والأدوية، فإنه فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية الأخرى، وهو ما يثير قلقًا بالغًا لدى العديد من الشركات الأوروبية.
أولويات الاتحاد الأوروبي في مفاوضات الإعفاء
أكدت مصادر في المفوضية الأوروبية أن إيطاليا تحديدًا تعتبر إعفاء المعكرونة أولوية قصوى، وذلك نظرًا للتهديد الكبير الذي تواجهه قطاعات إنتاج المعكرونة الإيطالية من احتمال فرض رسوم جمركية إضافية قد تصل إلى 92% بسبب قضايا مكافحة الإغراق، بالإضافة إلى الرسوم الحالية البالغة 15%. هذا المستوى من الرسوم الجمركية يجعل الصادرات غير مجدية اقتصاديًا.
بالإضافة إلى المعكرونة، تهدف المفوضية إلى إعفاء مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية والصناعية. وتشمل هذه المنتجات الألماس وأجزاء محركات السفن والسيراميك والأحذية والقبعات وغيرها. وترى بروكسل أن هذه المنتجات لا تشكل تهديدًا للتنافسية الصناعية الأمريكية.
ويأتي التحرك الأوروبي في الوقت الذي يشهد فيه الرئيس ترمب تغييرًا في لهجته تجاه السياسة التجارية، بعد أن بدأ في التراجع عن بعض الرسوم الجمركية التي فرضها سابقًا. وقد أرجع ذلك جزئيًا إلى تأثير ارتفاع الأسعار على الناخبين، والذي تجلى في نتائج بعض الانتخابات الفرعية.
في الآونة الأخيرة، ألغى ترمب الرسوم الجمركية على أكثر من 200 سلعة من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المنتجات المستخدمة في الأسمدة والفواكه الاستوائية مثل الموز والأناناس والقهوة والتوابل المختلفة. كما قام بإلغاء الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الزراعية البرازيلية، مثل لحوم البقر والقهوة، بعد خلافات مع الرئيس لولا دا سيلفا.
يعد هذا التطور فرصة للاتحاد الأوروبي لتعزيز علاقاته التجارية مع الولايات المتحدة، لكن نجاحه يعتمد على قدرة المفاوضين الأوروبيين على إقناع الإدارة الأمريكية بضرورة تخفيف الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من المنتجات. وستؤثر هذه القضية بشكل مباشر على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وعلى الاقتصاد بشكل عام.
تحتاج المفوضية الأوروبية أيضًا إلى مراعاة التأثيرات المحتملة على الصناعات المحلية في الولايات المتحدة والتأكد من أن أي اتفاق يتم التوصل إليه يحقق توازنًا بين مصالح الطرفين.
مستقبل المفاوضات والتأثير المحتمل على التبادل التجاري
من المقرر أن يتم تقديم القائمة التي أعدها الاتحاد الأوروبي إلى وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك والممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير في اجتماع مع وزراء تجارة الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل. وسيمثل هذا الاجتماع فرصة مهمة لمناقشة المطالب الأوروبية وتقييم رد فعل الإدارة الأمريكية. هل ستستجيب أمريكا لهذه المطالب؟
يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستستجيب بشكل إيجابي لطلب الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الرئيس ترمب معروف بتقلباته في مواقفه التجارية. ومع ذلك، فإن التوجه الأخير نحو تخفيف الرسوم الجمركية يشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق ما. يجب متابعة رد فعل الإدارة الأمريكية عن كثب لمعرفة مسار هذه المفاوضات. من المتوقع أن تكون المناقشات تجارية معقدة، وتتطلب حلولاً وسطًا.
