أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، استعداد بلاده لوقف القتال في أوكرانيا “فوراً” إذا تلقت ضمانات أمنية موثوقة، مؤكداً أن المسؤولية الآن تقع على عاتق الغرب وكييف. وتأتي هذه التصريحات في خضم جهود دبلوماسية متزايدة، بما في ذلك مبادرة أمريكية، لحل النزاع المستمر منذ ما يقرب من أربع سنوات. وتشكل هذه الخطوة تطوراً هاماً في مساعي إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وأضاف بوتين، خلال مؤتمره السنوي “نتائج العام”، أن القوات الروسية تواصل تحقيق مكاسب ميدانية على طول خط التماس، معتبراً أن أوكرانيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية أو الدخول في تسوية سياسية. في الوقت نفسه، أشار إلى وجود “إشارات” تدل على استعداد كييف لإجراء حوار، لكنه شدد على أن موسكو تتوقع حواراً جاداً يهدف إلى معالجة “الجذور الأساسية للأزمة”.

موقف روسيا من المفاوضات والضمانات الأمنية

وأكد الرئيس بوتين أن روسيا منفتحة على التفاوض مع كل من أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، لكنه شدد على ضرورة أن تكون هذه المفاوضات مبنية على أساس المساواة والاحترام المتبادل. كما انتقد بوتين خطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا، واصفاً إياها بمحاولة “سرقة” ستؤدي إلى تقويض الثقة في منطقة اليورو.

وفيما يتعلق بالوضع الميداني، قال بوتين إن القوات الروسية “تمتلك زمام المبادرة الاستراتيجية بالكامل”، مشيراً إلى استعادة السيطرة على منطقة كورسك بعد التوغل الأوكراني، وتحقيق تقدم ملحوظ بالقرب من كوبيانسك في منطقة خاركيف، وكذلك في اتجاه زابوروجيا. وأشار إلى أن الاستيلاء على مدينة كراسنوأرميسك (بوكروفيسك الأوكرانية) يمثل “أمرًا بالغ الأهمية” لشن عمليات هجومية مستقبلية.

تقييم جهود ترمب

أشاد بوتين بجهود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، موضحاً أنه قدم مقترحات جادة، لكنه أوضح أن موسكو طُلب منها تقديم تنازلات مقابل هذه الجهود. وأكد مجدداً أن الكرة الآن في ملعب الغرب وأوكرانيا لاتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق السلام.

الاجتماعات الأمريكية الروسية المرتقبة

تأتي تصريحات بوتين في أعقاب تفاؤل أمريكي حذر بشأن مسار الجهود الدبلوماسية، حيث صرح الرئيس ترمب بأنه يعتقد أن المحادثات “تقترب من إنجاز شيء ما”. ومن المقرر أن يعقد مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا اجتماعاً في ميامي بولاية فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لمناقشة هذه المقترحات.

وذكرت تقارير إعلامية أن الوفد الروسي سيتألف من رئيس صندوق الثروة السيادي كيريل دميترييف، بينما سيمثل الجانب الأمريكي المبعوثان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وتأمل الإدارة الأمريكية في أن تتمكن من نقل نتائج أحدث جولة من المناقشات إلى المسؤولين الروس، على الرغم من عدم وجود مؤشرات على تغيير كبير في مواقفهم.

في المقابل، أكد الكرملين استعداده لإجراء حوار مع الولايات المتحدة لفهم مدى التطورات في خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وأشار المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إلى أن “إمكانات العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة كبيرة ومتبادلة المنفعة”، معتبراً أن العديد من المسؤولين الأمريكيين يشاركونهم هذا الرأي.

وشدد بيسكوف على أن موقف روسيا من نشر أي قوات أوروبية في أوكرانيا “معروف على نطاق واسع”، لكنه أشار إلى أن هذه المسألة “يمكن مناقشتها” خلال الزيارة المرتقبة للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو. وتعتبر قضية نشر القوات الأجنبية في أوكرانيا من القضايا الحساسة للغاية بالنسبة لروسيا.

بشكل عام، يظل الوضع معقداً للغاية، مع استمرار القتال على الأرض واستمرار الخلافات السياسية بين الأطراف المعنية. الخطوة التالية الحاسمة ستكون الاجتماع المرتقب في ميامي، حيث سيحاول المسؤولون الأمريكيون والروسيون تقييم مدى إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية. من المهم مراقبة تطورات هذا الاجتماع، وكذلك ردود الفعل من كييف والاتحاد الأوروبي، لتحديد ما إذا كانت هناك فرصة حقيقية لإنهاء الأزمة الأوكرانية. كما يجب متابعة التطورات الميدانية، حيث يمكن أن تؤثر المكاسب والخسائر العسكرية على مسار المفاوضات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version