عاد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للظهور العلني يوم الأحد، منهياً بذلك أياماً من التكهنات حول مصيره، وذلك في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وتزايد التقارير حول عرض أمريكي للاستقالة مقابل ضمان سلامته وسلامة عائلته. هذا الظهور يمثل تطوراً مهماً في الأزمة السياسية المتصاعدة في فنزويلا، ويأتي بعد فترة من الغياب أثارت تساؤلات حول مستقبل مادورو والسلطة في البلاد.

وقد غاب مادورو عن المشهد العام منذ يوم الأربعاء الماضي، حيث نشر مقطع فيديو له وهو يقود سيارته في كاراكاس عبر تطبيق تيليجرام. هذا الغياب المفاجئ أثار تكهنات واسعة النطاق حول مكان وجوده، وما إذا كان قد فر من البلاد أم لا. الوضع يثير قلقاً بالغاً في المنطقة، ويراقب المجتمع الدولي التطورات عن كثب.

ظهور مادورو وتصعيد التوترات مع الولايات المتحدة

ظهر مادورو الأحد في فعالية سنوية لتكريم أفضل منتجات القهوة المتخصصة في شرق كاراكاس، حيث قام بتوزيع ميداليات على منتجي القهوة المتميزين. وقد تذوق مادورو أنواعاً مختلفة من القهوة أثناء إلقاء كلمات قصيرة، لم يتطرق فيها بشكل مباشر إلى الأزمة الحالية، لكنه أكد على قوة وصلابة فنزويلا.

وفي ختام الفعالية، هتف مادورو بأن فنزويلا “لا تقهر، لا تمس، لا تهزم”، في إشارة واضحة إلى التوترات مع الولايات المتحدة. وتأتي هذه التصريحات في وقت أرسلت فيه واشنطن أكثر من 10 سفن حربية ونشرت حوالي 15 ألف جندي في المنطقة، بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، وهو ما تعتبره كاراكاس محاولة لإجبار مادورو على التنحي. الوضع الأمني ​​في المنطقة متوتر للغاية.

وقد جاء ظهور مادورو بعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه تحدث مع الرئيس الفنزويلي عبر الهاتف. وقال ترامب للصحفيين إنه لا يرغب في الخوض في تفاصيل المكالمة، واكتفى بالقول إنها كانت “مجرد مكالمة هاتفية”. هذه المكالمة تثير تساؤلات حول الجهود الدبلوماسية الجارية لحل الأزمة.

تفاصيل المكالمة بين ترامب ومادورو

وفقاً لمصادر في صحيفة “ميامي هيرالد” الأمريكية، فقد عرض ترامب على مادورو خلال المكالمة “فرصة للنجاة بنفسه وأقرب الناس إليه شريطة مغادرة البلاد”. لكن المكالمة وصلت إلى طريق مسدود بسبب ثلاثة قضايا خلافية رئيسية.

أولاً، طلب مادورو عفواً دولياً عن أي جرائم قد يكون ارتكبها هو ومقربوه، وهو ما رفضته الإدارة الأمريكية. ثانياً، اقترح مادورو نموذجاً على غرار نيكاراجوا عام 1991، حيث يتم السماح بإجراء انتخابات حرة مع الاحتفاظ بقوة مؤثرة خلف الكواليس، وهو ما رفضته واشنطن أيضاً. وثالثاً، أصرت واشنطن على استقالة مادورو الفورية، بينما رفضت كاراكاس ذلك.

من جانبه، رفض خورخي رودريجيز، رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية، مناقشة تفاصيل المكالمة، مؤكداً أنها ليست محور تركيزه في الوقت الحالي. بدلاً من ذلك، ركز رودريجيز على الإعلان عن تحقيق في الضربات البحرية الأمريكية الأخيرة على زوارق يُزعم أنها تحمل مخدرات في منطقة الكاريبي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. هذه الضربات تزيد من حدة التوتر بين البلدين.

اتهامات متبادلة وتصعيد إعلامي

في الأيام الأخيرة، كثف الرئيس الأمريكي الضغط على مادورو من خلال التحذير من إمكانية تنفيذ ضربات عسكرية على الأراضي الفنزويلية ضد شبكات تهريب المخدرات. كما أمر شركات الطيران والطيارين بتجنب المجال الجوي الفنزويلي. الوضع في فنزويلا يتطلب حذراً شديداً.

ومع ذلك، قلل ترامب من أهمية تحذيره بشأن المجال الجوي الفنزويلي، مؤكداً أنه لا يشير إلى ضربة جوية وشيكة. وأوضح أنه أطلق هذا التحذير لأن الولايات المتحدة تعتبر فنزويلا “دولة غير ودية إلى حد كبير”. هذا التصريح يعكس استمرار التوتر وعدم الثقة بين البلدين.

وفيما يبدو أنه تصعيد إضافي للتوترات، اتهم مادورو الولايات المتحدة بمحاولة “الاستيلاء على احتياطيات النفط الفنزويلية بالقوة” في رسالة إلى منظمة أوبك. كما اتهم رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية واشنطن بـ”القتل” فيما يتعلق بالضربات العسكرية الأخيرة على “زوارق المخدرات”. النفط الفنزويلي يمثل عنصراً أساسياً في هذه الأزمة.

وفي رسالة إلى الأمين العام لأوبك هيثم الغيص، اتهم مادورو الولايات المتحدة بـ”التهديدات المستمرة والمتكررة صراحة” تجاه بلاده، مؤكداً أن ذلك يعرض استقرار إنتاج النفط الفنزويلي والسوق الدولية للخطر. وتعتبر فنزويلا من بين الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات النفط في العالم.

من المتوقع أن يستمر التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا في التصاعد في الأيام القادمة. من غير الواضح ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستنجح في إيجاد حل سلمي للأزمة. ما يجب مراقبته هو رد فعل مادورو على الضغوط الأمريكية، وتطورات الوضع الأمني ​​في المنطقة، وأي تحركات جديدة من قبل الإدارة الأمريكية. المستقبل السياسي لفنزويلا لا يزال غامضاً.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version