أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن دخول أول فوج مُجهز بنظام الدفاع الجوي بعيد المدى S-500 الخدمة القتالية، وذلك في خطوة طال انتظارها تعزز القدرات الدفاعية الروسية. جاء هذا الإعلان يوم الأربعاء، بعد سنوات من التطوير والاختبارات، وتحديداً بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف من بدء دمج المكونات الأولى للنظام في القوات الجوية الفضائية الروسية في أواخر عام 2021. ويُعد هذا النظام من أحدث وأكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً في روسيا.
وقد أعلن رئيس الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف، في نهاية ديسمبر 2023 عن تشكيل هذا الفوج بالكامل. وبحسب تقارير، استغرق الفوج عامًا كاملاً للاستعداد للخدمة القتالية، وقد يعزى ذلك إلى إجراء تعديلات على التصميم بناءً على نتائج الاختبارات الأولية. يشير هذا الحدث إلى مرحلة جديدة في تطوير الدفاعات الجوية الروسية.
نظام S-500: مواصفات وقدرات فريدة
يُعتبر نظام S-500، المعروف أيضًا باسم “Prometey”، قفزة نوعية في تكنولوجيا الدفاع الجوي. تم تصميمه لتوفير دفاع استراتيجي شامل ضد مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، والصواريخ المجنحة، والطائرات، والأهداف في الفضاء القريب. حتى ظهور نظام HQ-29 الصيني مؤخرًا، كان الـ S-500 يُنظر إليه على أنه النظام الوحيد القادر على اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في مراحلها النهائية.
المدى والقدرة على الاعتراض
يتميز نظام S-500 بمدى تشغيل يصل إلى 500 كيلومتر، مما يتفوق على مدى صواريخ S-400 التي تصل إلى 400 كيلومتر. هذا المدى الأطول يسمح باعتراض الأهداف على مسافات أبعد، مما يوفر نطاق حماية أكبر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للنظام التعامل مع أهداف متعددة في وقت واحد، مما يزيد من فعاليته في سيناريوهات القتال المعقدة.
القدرات المتقدمة
يتمتع نظام S-500 بقدرات متقدمة في تتبع وتصنيف الأهداف، بالإضافة إلى مقاومة قوية للإجراءات المضادة الإلكترونية. ويمكنه، وفقًا للتقارير، إسقاط الأقمار الصناعية والطائرات الفضائية، مما يجعله نظامًا متعدد الاستخدامات بشكل كبير. يتيح هذا النظام أيضاً القدرة على استهداف طائرات العدو الاستراتيجية وأنظمة الإنذار المبكر المحمولة جواً.
تأخيرات في التطوير والإنتاج
على الرغم من أن نظام S-500 كان من المفترض أن يدخل الخدمة في عام 2015، إلا أن هناك تأخيرات متكررة في تطويره وإنتاجه. يعزى ذلك جزئيًا إلى التعقيد التكنولوجي للنظام، فضلاً عن التحديات المتعلقة بتوسيع طاقات الإنتاج. ومع ذلك، شهدت روسيا نجاحًا كبيرًا في زيادة إنتاج أنظمة الدفاع الجوي الأخرى، مثل S-400 وS-300V4، مما يشير إلى إمكانية زيادة إنتاج S-500 في المستقبل.
وقد تم تشغيل الأنظمة العاملة في ظروف مناخية وتشغيلية مختلفة، بما فيها القطب الشمالي منذ ديسمبر 2021، وفي منطقة كيرتش بالقرب من شبه جزيرة القرم في يونيو الماضي، وذلك لحماية جسر كيرتش. تشير هذه العمليات إلى أن النظام يعمل بكفاءة في بيئات متنوعة.
اهتمام دولي بالنظام وقرار الشراء الهندي
أثار نظام S-500 اهتمامًا كبيرًا من قبل العديد من الدول. في بداية ديسمبر الجاري، ذكرت وسائل الإعلام الهندية أن محادثات رسمية بدأت بين الهند وروسيا حول شراء هذا النظام. تأتي هذه المحادثات في إطار جهود الهند لتحديث ترسانتها الدفاعية وتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي. كما بحث الجانبان جداول تسليم نظام S-400 واستكمال المفاوضات بشأن شراء طائرات Su-57 من الجيل الخامس.
وربح تطوير أنظمة الدفاع الجوي الروسية، مثل نظام S-400، شهرة عالمية، وتعزز السمعة التقنية لروسيا في هذا المجال. يدفع ذلك البلدان الأخرى إلى البحث عن هذه التقنيات المتقدمة.
في الوقت الحالي، لا يزال من غير المؤكد متى ستبدأ روسيا في تصدير نظام S-500 على نطاق واسع، وما إذا كانت الهند ستكون أول دولة تحصل عليه. ومع ذلك، فإن دخول النظام الخدمة القتالية يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز القدرات الدفاعية الروسية وربما تغيير ميزان القوى في مجال الدفاع الجوي العالمي. من المتوقع أن تتابع وزارة الدفاع الروسية تقييم أداء الفوج الأول، وإجراء أي تعديلات ضرورية قبل المضي قدمًا في الإنتاج والتصدير بكميات أكبر. من الجدير بالملاحظة أنه مع تطور التهديدات الجوية، ستستمر الحاجة إلى أنظمة دفاع جوي متطورة مثل S-500 في الازدياد.

