تشهد محادثات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية تطورات حاسمة، حيث التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا في لندن يوم الاثنين لمناقشة القضايا العالقة. تتصدر هذه القضايا مستقبل إقليم دونباس، وأمن محطة زابوروجيا للطاقة النووية، والضمانات الأمنية لأوكرانيا. وتأتي هذه الاجتماعات في ظل جهود دبلوماسية مكثفة تتضمن وساطة أمريكية، مع تزايد الآمال في التوصل إلى حل للصراع المستمر.

أكد الرئيس زيلينسكي على ضرورة التزام روسيا بإنهاء الحرب بشكل حقيقي، مشيراً إلى أن هناك “الكثير من العمل” المتبقي لتحقيق ذلك. جاء ذلك في تصريحات له خلال اتصال هاتفي مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وفقاً لما نشره على منصة “إكس”. كما أعلن عن مناقشته مع القادة الأوروبيين قضايا الأمن والدعم المستمر لأوكرانيا، بما في ذلك الدفاع الجوي والتمويل طويل الأجل.

تطورات حاسمة في مفاوضات إنهاء الحرب

تعتبر هذه المحادثات بمثابة نقطة تحول في الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع الذي بدأ في فبراير 2022. ووفقاً للمبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، فإن التوصل إلى اتفاق سلام بات “قريباً جداً”، لكنه يعتمد على حل قضيتين رئيسيتين: مستقبل إقليم دونباس ومصير محطة زابوروجيا النووية. وأضاف كيلوج، الذي سيغادر منصبه في يناير، أن حل هاتين المسألتين سيمهد الطريق أمام بقية الاتفاق.

قضايا الأراضي ومحطة زابوروجيا

تطالب روسيا بالسيادة على كامل إقليم دونباس، على الرغم من أن أوكرانيا لا تزال تسيطر على جزء منه. ويرى زيلينسكي أن تسليم باقي دونيتسك سيكون غير قانوني ويتطلب استفتاءً، كما أنه سيمنح روسيا قاعدة لشن هجمات مستقبلية. في الوقت نفسه، تقع محطة زابوروجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا، تحت السيطرة الروسية، مما يثير مخاوف دولية بشأن سلامتها وأمنها.

في سياق منفصل، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأمريكي السابق جاريد كوشنر، حيث طُرحت “مشكلات تتعلق بالأراضي” للنقاش، وفقاً لمساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف. وأشار أوشاكوف إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إجراء “تغييرات جادة وجذرية” على مقترحها بشأن أوكرانيا، دون توضيح طبيعة هذه التغييرات.

الضمانات الأمنية ودعم أوكرانيا

يركز القادة الأوروبيون، خلال محادثاتهم مع زيلينسكي، على أن تقرر أوكرانيا مستقبلها بنفسها، مع التأكيد على أهمية توفير ضمانات أمنية لها في المستقبل. وقال وزير العمل البريطاني بات ماكفادن إن القادة يهدفون إلى التوصل إلى اتفاق يمنح أوكرانيا حرية الاختيار في المستقبل، وليس دولة عاجزة. ويشمل ذلك توفير المساعدات العسكرية المستمرة وضمان عدم قدرة روسيا على تهديد أمن أوكرانيا.

تأتي هذه الجهود الدبلوماسية في ظل استمرار الحرب التي تمثل الصراع الأعنف في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأكبر مواجهة بين روسيا والغرب منذ نهاية الحرب الباردة. وعلى الرغم من الوساطة الأمريكية والاتصالات رفيعة المستوى، إلا أن التقدم في محادثات السلام كان بطيئاً بسبب الخلافات المستمرة حول الضمانات الأمنية ووضع الأراضي المحتلة.

يدعم القادة الأوروبيون عملية دبلوماسية تدريجية لأوكرانيا، ترتبط بضمانات أمنية طويلة الأمد ومساعدات عسكرية مستمرة. في المقابل، يركز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إبرام صفقات سريعة وتقاسم الأعباء، ويحذر الدبلوماسيون من أن أي محادثات لا تزال هشة ومعرضة للتأثر بالتقلبات في السياسة الأمريكية.

من المتوقع أن تستمر المشاورات بين الأطراف المعنية في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول للقضايا العالقة. يبقى مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية غير مؤكد، ويتوقف على قدرة الأطراف على التوصل إلى اتفاق يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. وستكون نتائج هذه المحادثات حاسمة في تحديد مسار الصراع وتأثيره على الأمن الأوروبي والعالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version