أعلنت شركة OpenAI، المطورة لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الشهير ChatGPT، عن تعديل مهم في طريقة عمل النظام، حيث عادت إلى الإعدادات السابقة لخدمتي الاشتراك المجانية و “Go” التي تبلغ 5 دولارات شهريًا. يأتي هذا التغيير بعد فترة قصيرة من إطلاق نظام “الموجه” (router) الذي يهدف إلى توجيه الاستفسارات المعقدة إلى نماذج أكثر تطوراً، ولكنه لم يحقق النتائج المرجوة.

القرار، الذي تم الإعلان عنه عبر مدونة محدثة للمنتجات، يعني أن المستخدمين في الطبقتين المجانية والمدفوعة سيستخدمون الآن بشكل افتراضي نموذج “GPT-5.2 Instant”، وهو الأسرع والأقل تكلفة في سلسلة نماذج OpenAI الجديدة. لا يزال بإمكان هؤلاء المستخدمين الوصول إلى النماذج الأكثر تعقيدًا، ولكنهم سيحتاجون إلى تحديدها يدويًا من قائمة الخيارات.

تراجع OpenAI عن نظام توجيه نماذج ChatGPT

في شهر أبريل الماضي، أطلقت OpenAI نظام “الموجه” كجزء من جهودها لتوحيد تجربة المستخدم مع إطلاق الجيل الخامس من نماذجها (GPT-5). كان الهدف من هذا النظام تحليل أسئلة المستخدمين وتحديد ما إذا كان يجب الرد عليها باستخدام نموذج ذكاء اصطناعي سريع الاستجابة ومنخفض التكلفة، أو نموذج أكثر بطئًا وأكثر تكلفة ولكنه يتمتع بقدرات استنتاجية أعلى.

كانت الفكرة هي توجيه المستخدمين تلقائيًا إلى أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي المتاحة بناءً على تعقيد استفساراتهم. قبل ذلك، كان الوصول إلى النماذج المتقدمة يتم عبر قائمة “محدد النماذج” (model picker) التي وصفها الرئيس التنفيذي سام ألتمان بأنها “سيئة للغاية” وغير مرغوبة.

تكلفة النماذج المتقدمة

وفقًا لمصادر داخلية في OpenAI، فإن نظام “الموجه” أدى إلى زيادة كبيرة في استخدام النماذج المتقدمة من قبل المستخدمين المجانيين، مما أثّر سلبًا على التكاليف التشغيلية للشركة. فقد ذكر ألتمان أن النظام رفع نسبة استخدام النماذج القادرة على الاستنتاج من أقل من 1% إلى 7% بين المستخدمين المجانيين، وهو ما اعتبرته الشركة مكلفًا للغاية.

يبدو أن المستخدمين، بشكل عام، يفضلون السرعة على الدقة في استجابات روبوتات الدردشة. يشير كريس كلارك، الرئيس التنفيذي لشركة OpenRouter المتخصصة في توفير خدمات استنتاج الذكاء الاصطناعي، إلى أن سرعة الاستجابة وجودة الحوار هما العاملان الأكثر أهمية في هذا المجال.

وأضاف كلارك: “إذا استغرق الأمر 20 ثانية حتى تظهر نقاط التفكير (thinking dots) قبل الحصول على رد، فهذا ليس جذابًا للغاية.” مقارنةً بذلك، يركز محرك البحث Google على السرعة القصوى، مع إدراك أن الحصول على إجابة أفضل قد يستغرق وقتًا أطول.

تأثير التغيير على المستخدمين النشطين

تشير التقارير إلى أن نظام “الموجه” أثر سلبًا على عدد المستخدمين النشطين يوميًا لـ ChatGPT. على الرغم من أن النماذج القادرة على الاستنتاج تعتبر طليعة أداء الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تتطلب وقتًا أطول لمعالجة الأسئلة المعقدة وتستهلك قدرًا كبيرًا من الموارد الحسابية.

يبدو أن غالبية المستخدمين يفضلون الحصول على ردود سريعة، حتى لو كانت أقل تفصيلاً أو دقة. هذا التفضيل يتناقض مع الهدف الأصلي لـ OpenAI المتمثل في توفير إجابات أكثر ذكاءً وعمقًا باستخدام النماذج المتقدمة.

هذا التعديل يعكس تحولًا في استراتيجية OpenAI نحو إعطاء الأولوية لتجربة المستخدم الشاملة، مع الأخذ في الاعتبار التوازن بين الدقة والسرعة والتكلفة. كما يوضح التحديات التي تواجهها الشركات في محاولة دمج نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً في المنتجات الاستهلاكية.

من الجدير بالذكر أن هذا التغيير لا يؤثر على مستخدمي ChatGPT Plus، الذين يدفعون 20 دولارًا شهريًا ويحصلون على وصول دائم إلى أحدث وأقوى نماذج OpenAI. كما أن OpenAI لم تعلن عن أي خطط لتغيير نظام “الموجه” لمستخدمي ChatGPT Plus في الوقت الحالي.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواصل OpenAI تحسين نماذجها وتجربة المستخدم، مع التركيز على إيجاد طرق لتقديم إجابات أكثر دقة وعمقًا دون التضحية بالسرعة أو زيادة التكاليف بشكل كبير. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة المستخدمين لهذا التغيير وما إذا كانت OpenAI ستعيد النظر في نظام “الموجه” في المستقبل. أيضًا، يجب متابعة تطورات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الأخرى، مثل تلك التي تقدمها Google و Anthropic، لمعرفة كيف تتنافس هذه الشركات في هذا المجال المتنامي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version