أثار رجل الأعمال الأمريكي براين جونسون، المعروف بجهوده في مجال إطالة العمر، جدلاً واسعاً بعد بث مباشر لتجربته مع جرعة عالية من فطر السيلوسيبين المهلوس، المعروف أيضاً باسم “العلاج السيلوسيبيني”. وقد أعلن جونسون عن هذه التجربة بشكل علني على منصة X قبل أيام، في إطار بحثه عن تأثير هذه المواد على مجموعة واسعة من المؤشرات الحيوية المتعلقة بالصحة والرفاهية. يثير هذا الحدث تساؤلات حول مستقبل استخدام هذه المواد في العلاج، وأخلاقيات عرض مثل هذه التجارب بشكل علني.

جرت التجربة يوم الأحد في مركز متخصص في العلاج بالسيلوسيبين بولاية أوريغون الأمريكية، حيث يُسمح باستخدام هذه المواد بشكل قانوني تحت إشراف مرخصين منذ عام 2023. وقد اجتذبت البث المباشر أكثر من 1.1 مليون مشاهد، وشمل حضوراً بارزاً مثل ابنه تالماج، والصحفي آشلي فانس، والفنانة Grimes، والرئيس التنفيذي لشركة Salesforce مارك بينيوف.

العلاج بالسيلوسيبين: هل هو مستقبل الصحة النفسية وطول العمر؟

يأتي بث جونسون المباشر كجزء من تحقيق أوسع نطاقاً يهدف إلى تقييم تأثير السيلوسيبين على ما يقرب من 250 مؤشراً صحياً، بما في ذلك مقاييس اتصال الدماغ، ومستويات الكورتيزول، ومستويات هرمون التستوستيرون. يدعي جونسون أن هناك إمكانات كبيرة للمواد المهلوسة في لعب دور أكثر أهمية في حياتنا، وربما كعلاج لإطالة العمر. هذا الادعاء يضع العلاج بالسيلوسيبين في بؤرة اهتمام متزايد.

الأسس العلمية للعلاج بالسيلوسيبين

تعتبر المواد المهلوسة، مثل السيلوسيبين، مجالاً بحثياً ناشئاً في الطب النفسي. تُظهر الدراسات الأولية نتائج واعدة في علاج حالات مثل الاكتئاب المقاوم للعلاج، واضطراب ما بعد الصدمة، والقلق المرتبط بالمرض العضال. يعتقد الباحثون أن السيلوسيبين يؤثر على شبكات الدماغ المرتبطة بالوظائف النفسية، مما قد يؤدي إلى تغييرات إيجابية في المزاج والسلوك. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هذه الأبحاث لا تزال في مراحلها المبكرة، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد هذه النتائج وتحديد الآثار الجانبية المحتملة.

قبل تناول الفطر، خضع جونسون لقياسات لنشاط دماغه باستخدام خوذة متطورة تبلغ قيمتها 50 ألف دولار، من إنتاج شركة Kernel المتخصصة في تصوير الدماغ. كما أخذ عينات من لعابه وقراءات لدرجة حرارة الجسم. لاحقاً، قام بتناول أكثر من خمسة جرامات من مسحوق الفطر المخلوط بعصير الليمون لزيادة الفعالية.

لكن التجربة لم تخلُ من الجدل. لاحظ بعض المراقبين أن بث تجربة مهلوسة بشكل مباشر قد يكون له آثار سلبية، مثل تشتيت الانتباه وزيادة الضغط على الأداء. يبدو أن جونسون نفسه أقر بذلك قبل تناول الفطر، متسائلاً عما إذا كان سيتمكن من الحفاظ على هدوئه.

يرى الخبراء أن عرض مثل هذه التجارب بشكل علني قد يركز بشكل مفرط على الذات بدلاً من التجربة الداخلية العميقة التي تسعى المواد المهلوسة إلى تحقيقها. وفي هذا السياق، يشير الدكتور ريان زافر، زميل ما بعد الدكتوراه في مركز أبحاث السيكدليك والدوائية العصبية في كلية لندن الإمبراطورية، إلى أن هذا النوع من العرض يخدم في المقام الأول “إشباع الأنا” و”النرجسية الرقمية”.

في المقابل، يرى البعض الآخر أن بث التجربة قد يساعد في تقليل الوصمة المرتبطة بتناول هذه المواد. يجادل الصحفي والمستشار السابق في صناعة السيكدليك، هاميلتون موريس، بأنه من الجيد إظهار كيف تبدو تجربة تناول السيكدليك، وإزالة الغموض عنها، وإظهار أنها قد تكون مفيدة. يُذكر أن موريس سبق وأن صور نفسه وهو يتعاطى المخدرات في برنامجه “Hamilton’s Pharmacopeia”.

تأتي هذه التجربة في وقت تشهد فيه العديد من البلدان نقاشات حول إمكانية تقنين استخدام المواد المهلوسة للأغراض العلاجية. وتشير التقارير إلى أن هناك اهتماماً متزايداً من قبل المؤسسات البحثية والشركات الناشئة بتطوير علاجات جديدة تعتمد على هذه المواد. التحول نحو تقبل هذه المواد يشمل أيضاً زيادة الوعي العام بفوائدها المحتملة.

ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا المجال، بما في ذلك الحاجة إلى تنظيم صارم لضمان سلامة المرضى، وإجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الجرعات المثلى والتأثيرات طويلة الأجل. كما أن هناك مخاوف أخلاقية تتعلق باستخدام هذه المواد، وخاصة فيما يتعلق بإمكانية إساءة استخدامها أو استغلالها.

من المتوقع أن يشارك براين جونسون نتائج تحليله للمؤشرات الحيوية في وقت لاحق من هذا العام. وسيراقب الخبراء عن كثب هذه النتائج لتقييم ما إذا كانت هناك أي تغييرات ذات دلالة إحصائية في حالته الصحية بعد التجربة. وسيكون من المهم أيضاً تقييم ما إذا كانت هذه النتائج يمكن تعميمها على الآخرين.

بشكل عام، تمثل تجربة براين جونسون علامة فارقة في النقاش الدائر حول العلاج بالسيلوسيبين، وتسلط الضوء على الإمكانات والقيود والتحديات الأخلاقية المرتبطة بهذا المجال الواعد. وما زال مستقبل هذه المواد غير واضح، لكن من المؤكد أنها ستثير المزيد من الجدل والبحث في السنوات القادمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version