أثار إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة X (تويتر سابقًا)، جدلاً واسعًا مؤخرًا بتصريحاته حول قدرة روبوت الدردشة الذي طورته شركته، “جروك” (Grok)، على تقديم “نكات قاسية” و”مهينة” بشكل فعال، خاصةً في وضع “غير مقيد” (Unhinged Mode). وقد أظهرت تجربة عملية أن أداء جروك في هذا المجال كان دون المستوى، وافتقر إلى الذكاء والإبداع المتوقعين. هذا الأمر يثير تساؤلات حول فعالية الذكاء الاصطناعي في فهم الفكاهة والسخرية.
تقييم أداء روبوت جروك في السخرية والفكاهة
أدلى ماسك بهذه التصريحات خلال حلقة بودكاست مع جو روغان، حيث وصف كيف يمكن استخدام “جروك” لتقديم نكات قاسية وشديدة الإهانة، مع التشجيع على زيادة مستوى البذاءة. وقد أثارت هذه التصريحات انتقادات واسعة النطاق، حيث اعتبرها البعض تعزيزًا للغة الكراهية والتنمر. ومع ذلك، قرر البعض اختبار ادعاءات ماسك بشكل عملي.
التجربة العملية وتقييم النتائج
قام فريق من الصحفيين بتجربة “جروك” في وضع “غير مقيد” لتقديم نكات قاسية على بعضهم البعض. وقد تبين أن النتائج كانت متكررة وبسيطة، واعتمدت بشكل كبير على الإهانات السطحية والشتائم المبتذلة. على سبيل المثال، تم وصف أحد الصحفيين بأن شعره يشبه “شعر العانة”، بينما تم وصف آخر بأنه “كارثة من متجر التوفير”.
أشار الصحفيون إلى أن هذه النكات تفتقر إلى الذكاء والعمق، ولا تعكس أي فهم حقيقي للشخص الذي يتم استهزاؤه به. بالإضافة إلى ذلك، لاحظوا أن “جروك” يميل إلى تكرار نفس الأنماط والعبارات، مما يجعل التجربة مملة وغير مضحكة. هذا النمط المتكرر أثار الشكوك حول قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد محتوى فكاهي أصيل.
جروك والذكاء الاصطناعي: حدود الفكاهة
تُظهر هذه التجربة حدود الذكاء الاصطناعي في فهم الفكاهة والسخرية. فالنكات الجيدة تعتمد على السياق والمعرفة المشتركة والقدرة على المفاجأة، وهي أمور لا يزال الذكاء الاصطناعي يكافح من أجل إتقانها. كما أن السخرية غالبًا ما تتضمن طبقات من المعنى والغموض، مما يجعل من الصعب على الآلة فهمها وتوليدها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم نكات قاسية ومهينة يثير مخاوف أخلاقية. فمن السهل استخدام هذه التقنية للتنمر على الآخرين وإلحاق الأذى بهم. وهذا يتطلب وضع ضوابط وإرشادات صارمة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي. تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل جروك، تثير نقاشًا حول المسؤولية في المحتوى الذي يتم إنشاؤه.
من الجدير بالذكر أن “جروك” هو نموذج لغوي كبير (LLM) تم تطويره بواسطة xAI، وهي شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك. ويهدف “جروك” إلى تقديم إجابات أكثر صراحة و”غير مقيدة” مقارنة بنماذج اللغة الأخرى، مثل ChatGPT. وقد تم تصميمه للوصول إلى المعلومات في الوقت الفعلي من خلال منصة X، مما يجعله فريدًا من نوعه. تطوير جروك يأتي في سياق سباق متزايد بين شركات التكنولوجيا لتطوير نماذج لغوية أكثر تطوراً.
ومع ذلك، فإن هذه التجربة تشير إلى أن مجرد تقديم إجابات “غير مقيدة” لا يكفي لإنشاء روبوت دردشة مضحك وذكي. فالذكاء الاصطناعي يحتاج إلى فهم أعمق للغة والثقافة والمجتمع لكي يتمكن من توليد محتوى فكاهي أصيل وفعال. التركيز على “السخرية” قد يكون له تأثير سلبي على صورة جروك.
توقعات مستقبلية
من المتوقع أن تستمر xAI في تطوير “جروك” وتحسين أدائه في مختلف المجالات، بما في ذلك الفكاهة والسخرية. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت الشركة ستتمكن من التغلب على التحديات التي تواجهها في هذا المجال. الخطوة التالية قد تتضمن إعادة تدريب النموذج على مجموعة بيانات أكثر تنوعًا من النكات والسخرية، مع التركيز على الجودة والإبداع. سيراقب الخبراء عن كثب التطورات المستقبلية في جروك وتقييم قدرته على المنافسة مع نماذج اللغة الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم مراقبة النقاش العام حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الفكاهة والسخرية، والتأكد من أن هذه التقنية تستخدم بشكل مسؤول وأخلاقي. الجهات التنظيمية قد تتدخل لوضع قيود على استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد محتوى مسيء أو ضار. تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل جروك ستستمر في إثارة تساؤلات حول مستقبل التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع.

