شهد التسوق عبر الإنترنت ازدهارًا كبيرًا خلال موسم الأعياد، ولكن مع ذلك، يواجه التجار تحديًا جديدًا يتمثل في عمليات الاحتيال المتزايدة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتحديدًا، بدأت عمليات استرجاع الأموال بالذكاء الاصطناعي في الظهور، حيث يقدم العملاء صورًا مُنشأة بشكل مصطنع لإثبات تلف البضائع، مما يعرض منصات التجارة الإلكترونية لخسائر مالية كبيرة.
وقد بدأت هذه المشكلة في الانتشار بشكل ملحوظ في الصين، حيث أبلغ العديد من البائعين عن تلقيهم طلبات استرجاع مصحوبة بصور تبدو مشبوهة. وتتزايد المخاوف من أن هذه الظاهرة ستنتشر عالميًا، مما يتطلب من الشركات اتخاذ تدابير وقائية لحماية نفسها من الاحتيال.
تزايد عمليات الاحتيال في استرجاع الأموال
تشير التقارير إلى أن عمليات الاحتيال التي تستخدم صورًا مُعدلة بالذكاء الاصطناعي في طلبات استرجاع الأموال قد زادت بنسبة تزيد عن 15٪ منذ بداية العام الحالي، وفقًا لشركة Forter المتخصصة في كشف الاحتيال. ويعود هذا الارتفاع إلى سهولة الوصول إلى أدوات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي، وتزايد قدرتها على إنتاج صور واقعية.
أكثر المنتجات عرضة للاحتيال
تظهر بعض الفئات من المنتجات على أنها أكثر عرضة لعمليات الاحتيال هذه. وتشمل هذه الفئات المواد الغذائية الطازجة، ومنتجات التجميل الرخيصة، والعناصر الهشة مثل الأكواب والسيراميك. غالبًا ما يمتنع البائعون عن طلب إعادة هذه السلع قبل الموافقة على الاسترجاع، مما يجعلها هدفًا جذابًا للمحتالين.
في حادثة لافتة للنظر، أبلغ بائع سرطان البحر عبر الإنترنت في الصين عن تلقيه صورًا ومقاطع فيديو من عميل يدعي أن معظم السرطانات التي اشتراها وصلت ميتة، وأن بعضها الآخر قد هرب. ولكن، كشف البائع عن تناقضات في التفاصيل، مثل عدد الذكور والإناث في مقاطع الفيديو، بالإضافة إلى وجود سرطان بحر بـ 9 أرجل بدلًا من 8، مما أثار الشكوك.
وقد أبلغ البائع الشرطة، التي أكدت أن مقاطع الفيديو كانت مزيفة، وتم احتجاز المشتري لمدة ثمانية أيام. وحظيت هذه القضية باهتمام واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، حيث كانت أول حالة احتيال معروفة من نوعها تؤدي إلى تدخل الجهات التنظيمية.
كيف يعمل الاحتيال؟
تعتمد هذه العمليات الاحتيالية على قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء صور واقعية تبدو وكأنها تعرض تلفًا في المنتج. يمكن للمحتالين استخدام هذه الصور لتقديم طلبات استرجاع كاذبة، والحصول على أموالهم مرة أخرى دون إرجاع المنتج التالف.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا، أن موظفي خدمة العملاء وفحص الاسترجاع غالبًا ما يكونون تحت ضغط الوقت، وقد لا يتمكنون من التدقيق في كل صورة بعناية. وهذا يجعلهم أكثر عرضة للوقوع في فخ الصور المزيفة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التكلفة المنخفضة لبعض المنتجات قد تجعل البائعين أقل حذرًا، حيث قد يكون من الأسهل عليهم ببساطة الموافقة على الاسترجاع بدلًا من التحقيق في الأمر.
الذكاء الاصطناعي لا يحتاج إلى أن يكون مثاليًا لإنجاح عملية الاحتيال. فقط ما يكفي من الواقعية لخداع الموظفين. وتشير التقديرات إلى أن الشركات تخسر ملايين الدولارات سنويًا بسبب هذه الأنواع من الاحتيال، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
التحديات والحلول المحتملة
تعتبر مكافحة الاحتيال في التجارة الإلكترونية تحديًا متزايدًا، خاصة مع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي. تحتاج الشركات إلى الاستثمار في أدوات وتقنيات جديدة للكشف عن الصور المزيفة، وتحسين عمليات التحقق من صحة طلبات الاسترجاع.
تشمل الحلول المحتملة استخدام تقنيات التعرف على الصور المتقدمة، وتحليل البيانات للكشف عن الأنماط المشبوهة، وزيادة الوعي بين موظفي خدمة العملاء حول مخاطر الاحتيال بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات أن تطلب من العملاء تقديم المزيد من الأدلة على التلف، مثل مقاطع الفيديو أو التقارير التفصيلية.
تتجه الشركات أيضًا نحو استخدام تقنيات مثل البلوك تشين لتتبع المنتجات والتحقق من أصالتها، مما قد يساعد في تقليل فرص الاحتيال. كما أن التعاون بين الشركات وشركات الأمن السيبراني ومنصات التجارة الإلكترونية أمر ضروري لتبادل المعلومات وتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة الاحتيال.
من المتوقع أن تشهد السلطات التنظيمية في مختلف البلدان زيادة في التدقيق في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت، وقد يتم إصدار قوانين جديدة لتجريم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الاحتيالية. ويجب على الشركات أن تكون على دراية بهذه التطورات، وأن تتخذ الخطوات اللازمة لضمان الامتثال للقوانين واللوائح الجديدة.
في الختام، يمثل الاحتيال بالذكاء الاصطناعي تهديدًا متزايدًا لمنصات التجارة الإلكترونية. من المرجح أن نشهد المزيد من الحالات المماثلة في المستقبل، مما يستدعي اتخاذ تدابير وقائية فعالة لحماية الشركات والمستهلكين على حد سواء. وستكون المراقبة المستمرة لتطورات الذكاء الاصطناعي وتكييف استراتيجيات مكافحة الاحتيال أمرًا بالغ الأهمية.

