تشهد صناعة السيارات العالمية تباطؤًا ملحوظًا في التوجه نحو تبني مركبات كهربائية بالكامل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذا القطاع. أعلنت شركات كبرى مثل فورد عن إعادة تقييم خططها للسيارات الكهربائية وتأجيل بعضها، في حين ناقشت المفوضية الأوروبية التراجع عن هدفها المعلن سابقًا بالانتقال الكامل إلى السيارات عديمة الانبعاثات بحلول عام 2035. هذا التحول يؤثر على توقعات مبيعات السيارات الكهربائية في الأسواق الرئيسية.

في المقابل، تواصل ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية التزامها القوي بالتحول إلى النقل النظيف، حتى في ظل هذه التحديات. صرح ناطق باسم حاكم الولاية، جافين نيوسوم، بأن كاليفورنيا “تضاعف جهودها في نشر المركبات عديمة الانبعاثات، وتوفر اليقين للسوق، وتواصل الريادة في النقل النظيف بغض النظر عن التراجعات السياسية في أماكن أخرى أو التحولات من قبل الشركات المصنعة للسيارات”.

تحديات تواجه انتشار السيارات الكهربائية

بدأت هذه التطورات بإعلان فورد عن خفض الإنفاق على السيارات الكهربائية وتأجيل بعض المشاريع. تأتي هذه الخطوة بعد تقارير عن تراجع الطلب على هذه السيارات وتزايد المخاوف بشأن ربحية هذا القطاع. كما أعلنت الحكومة الأمريكية عن نيتها تخفيف القيود المتعلقة باقتصاد الوقود للسيارات، وهو ما يمثل خطوة عكسية لجهود التحول إلى النقل المستدام.

تشير التوقعات الجديدة لشركة BloombergNEF إلى انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بمقدار 14 مليون سيارة بحلول عام 2030، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 20٪ مقارنة بالتوقعات السابقة. يعزى هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، بما في ذلك ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، ونقص البنية التحتية للشحن، والظروف الاقتصادية غير المؤكدة.

رد فعل كاليفورنيا

على الرغم من هذه التطورات، أظهرت كاليفورنيا تصميمًا على المضي قدمًا في خططها للتحول إلى السيارات الكهربائية. في عام 2020، أصدر حاكم الولاية، جافين نيوسوم، أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين بحلول عام 2035. يهدف هذا الأمر إلى زيادة حصة السيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن في سوق الولاية.

ومع ذلك، واجهت كاليفورنيا معارضة من الكونغرس الذي يقوده الجمهوريون، والذي ألغى سلطة الولاية في وضع قوانين خاصة بالانبعاثات. ردت كاليفورنيا برفع دعوى قضائية ضد هذا القرار، وما زالت القضية قيد النظر. في الوقت نفسه، أصدر نيوسوم أمرًا تنفيذيًا آخر يوجه الوكالات الحكومية إلى إيجاد طرق أخرى لتعزيز أهداف الولاية في مجال التنقل الكهربائي.

توقعات صناعة السيارات

يرى خبراء صناعة السيارات أن أهداف كاليفورنيا الطموحة قد تكون صعبة التحقيق في ظل الظروف الحالية. تشير ستيفاني فالديز ستريتي، مديرة الأبحاث الصناعية في Cox Automotive، إلى أن هناك “الكثير من الرياح المعاكسة” التي قد تعيق التقدم نحو هدف 100٪ من السيارات الكهربائية. وتشير إلى ارتفاع التكاليف وتحديات سلسلة التوريد كعوامل رئيسية.

كما أعربت مجموعة من الشركات في كاليفورنيا عن قلقها بشأن واقعية الأهداف الحالية، خاصةً هدف الوصول إلى 35٪ من السيارات عديمة الانبعاثات في مبيعات عام 2026. يرى بريان مااس، رئيس جمعية وكلاء السيارات الجديدة في كاليفورنيا، أن “الجدول الزمني بحاجة إلى تعديل”. تشير الإحصائيات إلى أن السيارات عديمة الانبعاثات تمثل حاليًا 21٪ فقط من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في الولاية.

تتزايد المخاوف بشأن توفر المواد الخام اللازمة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، مثل الليثيوم والكوبالت. هذا النقص قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار البطاريات وبالتالي زيادة تكلفة السيارات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بتطوير البنية التحتية للشحن وتوفير كهرباء كافية لتلبية الطلب المتزايد.

على الرغم من هذه التحديات، لا يزال هناك زخم كبير في تطوير تقنيات السيارات الكهربائية وتحسين أدائها. تشهد صناعة البطاريات ابتكارات مستمرة تهدف إلى زيادة كثافة الطاقة وخفض التكاليف. كما تعمل شركات السيارات على تطوير نماذج جديدة من السيارات الكهربائية تلبي احتياجات مختلف العملاء.

السيارات الكهربائية تمثل مستقبل النقل، ولكن الطريق نحو هذا المستقبل لا يخلو من العقبات. الحاجة إلى مزيد من الاستثمار في البنية التحتية، وتخفيض التكاليف، وتأمين سلاسل التوريد، هي عوامل أساسية لضمان انتشار هذه التكنولوجيا على نطاق واسع. كما أن التشجيع الحكومي والحوافز الضريبية تلعب دورًا مهمًا في تحفيز الطلب على السيارات الكهربائية.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول أهداف السيارات الكهربائية في كاليفورنيا والولايات المتحدة الأمريكية في الأشهر المقبلة. ستكون نتيجة الدعوى القضائية التي رفعتها كاليفورنيا ضد الكونغرس حاسمة في تحديد مستقبل سلطة الولاية في وضع قوانين خاصة بالانبعاثات. كما ستراقب الصناعة عن كثب التطورات في أسعار البطاريات وتوفر المواد الخام. الوضع الحالي يشير إلى أن تحقيق أهداف التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2035 قد يتطلب مزيدًا من المرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version