تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني لتبديل الوجوه، “هاوتيان” (Haotian)، يحقق أرباحًا تقدر بملايين الدولارات من خلال بيع تقنيته على تطبيق تيليجرام. يسهل هذا التطبيق عملية انتحال الشخصية عبر منصات المراسلة مثل واتساب ووي تشات، ويقدم للمستخدمين إمكانية تعديل ما يصل إلى 50 إعدادًا، بما في ذلك تعديل حجم عظام الوجنتين وموضع العينين، لتقليد الوجوه بدقة متزايدة. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن “هاوتيان” يجذب المحتالين الذين ينشطون في عمليات النصب والاحتيال في جنوب شرق آسيا.

يستخدم المحتالون أدوات مثل “هاوتيان” لتعزيز عمليات الخداع من خلال السماح لهم بإجراء “محادثات فيديو” مع الضحايا باستخدام هوية الشخص الذي يعتقدون أنهم يتواصلون معه، سواء كان ذلك في سياق فرص استثمارية، أو علاقات صداقة، أو حتى رومانسية. كشفت شركة Elliptic المتخصصة في تتبع العملات المشفرة عن أن التطبيق تلقى ما لا يقل عن 3.9 مليون دولار على مدى السنوات الأخيرة، بما في ذلك مدفوعات من محافظ عملات مشفرة مرتبطة بأنشطة إجرامية مزعومة. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط ما يقرب من نصف هذه المدفوعات بسوق احتيالي تم وضعه على قائمة العقوبات من قبل الحكومة الأمريكية.

انتشار تقنية تبديل الوجوه (Face-Swapping) وتأثيرها على الجرائم الإلكترونية

يعد “هاوتيان”، الذي ظهر في حوالي عام 2021، من أوائل التطبيقات التي قدمت هذه التقنية بأداء عالٍ، وأصبح شائعًا جدًا بين المحتالين، وفقًا لـ Hieu Minh Ngo، وهو خبير في مكافحة الجرائم الإلكترونية. ويقول نجيو إن نتائج التطبيق “قريبة من الكمال” وتتحسن باستمرار. ويشير إلى أن الأموال تتدفق إلى محافظ التطبيق بشكل يومي.

دور تيليجرام في الترويج للتطبيق

يعتمد “هاوتيان” بشكل أساسي على الترويج لتطبيقه لتبديل الوجوه من خلال قناة عامة على تطبيق تيليجرام، والتي تم إطلاقها في أكتوبر 2023. من خلال هذه القناة، التي تضم الآن أكثر من 20 ألف مشترك، يعرض التطبيق إصدارات جديدة، ويقدم تحديثات حول التطوير، ويوفر الدعم الفني. على الرغم من أن تسويق البرامج عبر تيليجرام ليس أمرًا خاطئًا في حد ذاته، إلا أن الباحثين يلاحظون أن قاعدة عملاء “هاوتيان” تميل بشكل متزايد نحو المحتالين الذين يبحثون عن خدمات في السوق الرمادية.

رفض تيليجرام التعليق على الأمر. ومع ذلك، بعد تواصل WIRED مع الشركة، أصبحت القناة الرئيسية لـ”هاوتيان” على تيليجرام وبعض الحسابات المرتبطة بها غير متاحة أو يبدو أنها قد تم حذفها. ولم يرد تيليجرام على طلب للتعليق على ما إذا كانت الشركة قد أوقفت هذه الحسابات.

أدوات تبديل الوجوه الأخرى وتصاعد الجرائم الإلكترونية

هذا لا يقتصر على “هاوتيان” وحده، بل هو جزء من منظومة تقنية أوسع نطاقًا ظهرت حول صناعة الجرائم الإلكترونية المتنامية في جنوب شرق آسيا. مع تزايد سهولة الوصول إلى أدوات تبديل الوجوه وتقنيات التزييف العميق (Deepfake)، أصبحت هذه الأدوات جزءًا متزايدًا من عمليات الاحتيال وأنواع أخرى من الجرائم الإلكترونية حول العالم.

وفي السنوات الأخيرة، حدد مسؤولون في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أكثر من 10 أدوات تبديل وجوه يحتمل أن يستخدمها مجرمو الإنترنت في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك عمليات الاحتيال المتعلقة بالعملات المشفرة وانتحال شخصيات رجال الشرطة. وتشمل هذه العمليات ما يعرف بـ “ذبح الخنازير” (Pig Butchering)، وهي عملية احتيال معقدة تستهدف الضحايا عاطفيًا وماليًا.

تأثيرات الجرائم الإلكترونية المتزايدة

تتسبب هذه الجرائم الإلكترونية في خسائر مالية كبيرة للضحايا، بالإضافة إلى الأضرار النفسية والعاطفية التي تلحق بهم. كما أنها تقوض الثقة في التكنولوجيا والمنصات الرقمية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الرقمي. توسع نطاق عمليات الاحتيال ليشمل المزيد من الدول، مما يتطلب تعاونًا دوليًا لمكافحة هذه الظاهرة.

من المهم الإشارة إلى أن تقنية تبديل الوجوه لها استخدامات مشروعة، مثل في صناعة الترفيه والتعليم. ومع ذلك، فإن إساءة استخدام هذه التقنية من قبل المحتالين يثير مخاوف جدية بشأن الأمن والخصوصية. تحتاج الشركات المطورة لهذه التقنيات إلى اتخاذ خطوات استباقية لمنع إساءة استخدام منتجاتها، بما في ذلك تطوير آليات للكشف عن التزييف العميق وتتبع استخدام التطبيق.

الخطوة التالية المتوقعة هي قيام السلطات في جنوب شرق آسيا بتكثيف جهودها لتعطيل هذه العمليات الاحتيالية، بالإضافة إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا مثل تيليجرام لمكافحة انتشار هذه الأدوات. قد نرى أيضًا قوانين جديدة يتم سنها لتجريم استخدام التزييف العميق في الأنشطة الإجرامية. من الأهمية بمكان مراقبة مدى فعالية هذه الجهود، وكذلك تطور تقنيات التزييف العميق وتزايد استخدامها في الجرائم الإلكترونية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version