يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي تطورات متسارعة، حيث تبرز نماذج لغوية كبيرة مفتوحة المصدر صينية الصنع كبديل قوي للنماذج الأمريكية التقليدية. وقد شهد شهر يوليو الماضي تفوقًا في عدد التنزيلات لهذه النماذج الصينية على نظيراتها الأمريكية على منصة HuggingFace، مما يعكس تحولًا ملحوظًا في المشهد التكنولوجي العالمي. يمثل نموذج “Qwen” (通义千问) من شركة علي بابا مثالًا بارزًا على هذا الاتجاه، ويحظى بشعبية متزايدة بين المطورين والشركات الناشئة.
تأتي هذه التطورات من الصين في وقت يشهد فيه بعض النماذج الأمريكية الرائدة، مثل Llama 4 من Meta، بعض التحديات في تحقيق الأداء المتوقع. وتشير التقارير إلى أن الشركات الصينية تركز بشكل متزايد على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، مما يتيح للمطورين تعديلها وتخصيصها لتلبية احتياجاتهم الخاصة.
صعود نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر الصينية مثل Qwen
على الرغم من أن نماذج مثل GPT-5 من OpenAI و Gemini 3 من Google و Claude من Anthropic قد تتفوق على Qwen في بعض المقاييس، إلا أن سهولة استخدام وتعديل النماذج الصينية تجعلها جذابة بشكل خاص. تتيح هذه المرونة للشركات مثل Rokid، وهي شركة ناشئة في مجال النظارات الذكية، استضافة نسخة معدلة من Qwen لتشغيل ميزات مثل التعرف على المنتجات، وتوفير الاتجاهات، وصياغة الرسائل مباشرة على النظارات.
ميزات نموذج Qwen
يتميز Qwen بقدرته على أداء مجموعة واسعة من المهام التي تتطلب ذكاءً اصطناعيًا متقدمًا. يمكنه معالجة اللغة الطبيعية، والإجابة على الأسئلة، وترجمة النصوص، وتلخيص المعلومات، وحتى كتابة التعليمات البرمجية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تشغيل نسخة صغيرة من Qwen على الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى، مما يوفر إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي حتى في حالة عدم وجود اتصال بالإنترنت.
تعتبر هذه القدرة على العمل دون اتصال بالإنترنت ميزة كبيرة، خاصة في التطبيقات التي تتطلب استجابة فورية أو تعمل في بيئات ذات اتصال محدود. كما أن طبيعة Qwen مفتوحة المصدر تشجع على التعاون والابتكار بين المطورين، مما يؤدي إلى تحسينات مستمرة في الأداء والوظائف.
تستفيد الشركات الصينية من وفرة البيانات والقدرة الحاسوبية المتزايدة لتطوير هذه النماذج. وقد أظهرت DeepSeek، وهي شركة صينية أخرى، قدرتها على إطلاق نماذج لغوية كبيرة تتطلب قدرة حاسوبية أقل مقارنة بنظيراتها الأمريكية، مما يقلل من التكاليف ويجعل الذكاء الاصطناعي في متناول نطاق أوسع من الشركات.
يرى خبراء الذكاء الاصطناعي أن هذا التطور يمثل تحديًا للشركات الأمريكية المهيمنة في هذا المجال. فالنماذج الصينية المفتوحة المصدر توفر بديلًا جذابًا للمطورين الذين يبحثون عن مرونة وتحكم أكبر في التكنولوجيا التي يستخدمونها.
في المقابل، واجهت بعض النماذج الأمريكية صعوبات في تحقيق التوقعات. فقد أدى الأداء المخيب للآمال لـ Llama 4 إلى تحول العديد من المطورين نحو استكشاف نماذج مفتوحة المصدر أخرى، بما في ذلك تلك التي طورتها الشركات الصينية.
تتزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتمويل والتصنيع. وتشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي العالمي سيصل إلى تريليونات الدولارات في السنوات القادمة.
تعتبر النماذج اللغوية الكبيرة جزءًا أساسيًا من هذا النمو، حيث تمكن الشركات من أتمتة المهام، وتحسين خدمة العملاء، واتخاذ قرارات أكثر استنارة.
من المتوقع أن تستمر الشركات الصينية في الاستثمار في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، مما قد يؤدي إلى مزيد من الابتكار والمنافسة في هذا المجال.
في الوقت الحالي، لا تزال OpenAI و Google تحتفظان بمكانة رائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن صعود النماذج الصينية يمثل علامة تحول مهمة في المشهد التكنولوجي العالمي.
في الأشهر القادمة، سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه النماذج الصينية، وتقييم تأثيرها على السوق، وتحديد ما إذا كانت ستتمكن من تحدي هيمنة الشركات الأمريكية. كما يجب متابعة أي تحديثات أو إصدارات جديدة من النماذج الأمريكية الرائدة، وتقييم قدرتها على استعادة مكانتها في السوق.

