السويد تدعو السياح لـ “الملل” في حملتها التسويقية الشتوية الجديدة، في خطوة تعكس تحولاً متزايداً نحو تجارب السفر الهادئة. تهدف هذه المبادرة إلى تشجيع الزوار على التباطؤ والانفصال عن صخب الحياة اليومية، وقضاء الوقت في الطبيعة دون خطط محددة. تشمل الأنشطة المقترحة التأمل في السماء المرصعة بالنجوم ومشاهدة الحياة البرية، في محاولة لتعزيز مفهوم السفر البطيء.

تهدف الحملة التسويقية، التي أطلقت في 26 نوفمبر 2025، إلى تقديم حل لمشكلة الإرهاق والانشغال التي يعاني منها الكثيرون، وذلك من خلال توفير بيئة مثالية للاسترخاء والتأمل. تستهدف هذه المبادرة السياح الباحثين عن الهدوء والسكينة، بعيداً عن الوجهات السياحية المزدحمة والأنشطة التقليدية. تركز الحملة على المناطق الأقل شهرة في السويد، حيث لا يوجد الكثير لتنافس على الانتباه.

لماذا يعتبر “الملل” هو الهدف؟

وفقًا لـ Visit Sweden، المنظمة المسؤولة عن الحملة، فإن الهدف هو منح الناس الإذن بفعل القليل في نهاية عام حافل بالأحداث. بدلاً من تسليط الضوء على الأنشطة الشتوية المعروفة، توجه الحملة المسافرين نحو الزوايا الهادئة من البلاد. حيث يصبح الهدوء نفسه هو الجاذبية الرئيسية، وليس مجرد غياب للنشاط.

في منطقة Sörmland، تدعو الكبائن بجوار مسارات الغابات المسافرين للاستمتاع بالوحدة والعزلة. أما في Hälsingland، فتشجع إقامات “السموم الرقمية” في أماكن ذات اتصال محدود بشبكة الإنترنت وعدد قليل جداً من المشتتات. بشكل خاص، تقدم منطقة لابْلاند (Lapland) تباطؤاً جذرياً، مع ساعات طويلة من الظلام حول Kiruna و Abisko التي تحد بشكل طبيعي من كمية الأنشطة التي يمكنك حشرها في يوم واحد.

أنشطة بسيطة في قلب الطبيعة

إشعال نار، المشي لمسافات طويلة، مراقبة النجوم، ومشاهدة الأضواء الشمالية: تُظهر الحملة هذه اللحظات من الهدوء كجزء أساسي من التجربة. حتى القيادة لمسافات طويلة على طول “الطريق البري” (Vildmarksvägen) – وهو أعلى طريق معبد في السويد، ويمر عبر الغابات والجبال حيث تتجول حيوانات الرنة – يمكن أن يكون كافياً لملء جدول سفرك اليومي.

تتزايد شعبية العطلات القائمة على الطبيعة، والسياحة المتعلقة بالسماء المظلمة، والوجهات البعيدة، مدفوعة برغبة الناس في الحصول على مساحة أكبر وخطط أقل صرامة. كما يعكس الاهتمام المتزايد بمراكز السموم الرقمية والأكواخ المعزولة هذا التحول نحو أنماط حياة أبطأ.

اتجاه عالمي نحو الهدوء في السفر

صعد مصطلح JOMO – الفرح بالضياع – العام الماضي، ليشجع تحديدًا على الأنشطة التي تروج لها السويد الآن. لا يقتصر هذا الاتجاه على السويد وحدها، فقد بدأت دول أوروبية أخرى في استهداف السياح الذين يفضلون العطلات الأقل صخبًا.

على سبيل المثال، تشجع كرواتيا الزوار على استكشاف خلجانها الهادئة والبلدات الساحلية الصغيرة بدلاً من التزاحم في جزرها الأكثر شهرة. حتى إيطاليا – التي تواجه مشكلة السياحة المفرطة في العديد من الوجهات الشهيرة – اتخذت خطوات مماثلة في أجزاء من ساحلها، ودعت المسافرين لتجربة المناظر الطبيعية نفسها مثل الوجهات الرئيسية ولكن بوتيرة أبطأ ودون ضغوط الحشود.

قد يشمل ذلك ارتداء أحذية الثلج في جولة قصيرة في منطقة يمتلاند أو الانضمام إلى السكان المحليين في صيد الأسماك على الجليد بجوار مدينة أوسترسوند. لا تتطلب هذه الأنشطة معدات معقدة أو انتقالات طويلة أو جداول زمنية مزدحمة لكل ساعة من كل يوم.

من المقرر أن تستمر حملة السويد خلال فصل الشتاء من عام 2025، وتعتمد على أن رسالة “الاسترخاء وعدم فعل أي شيء” ستلقى صدى لدى المسافرين المتعبين. ومع ذلك، من غير المؤكد ما إذا كان هذا النهج التسويقي سيترجم إلى زيادة كبيرة في عدد الزوار. ستشير الأرقام الصادرة في أوائل عام 2026 إلى نجاح هذه المبادرة وما إذا كانت ستُلهم دولًا أخرى لتبني استراتيجيات مماثلة لجذب نوع جديد من السياح. يبقى أن نرى ما إذا كان “الملل” هو بالفعل الترياق الذي يبحث عنه المسافرون في العصر الحديث.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version