أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا يوجه وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكية إلى السعي لتصنيف فروع محددة من جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية، مما يمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه هذه الحركة بعد عقود. يأتي هذا القرار بعد نقاشات مطولة حول طبيعة الجماعة وتأثيرها، ويشير إلى نهج جديد يركز على الأفعال بدلاً من الأيديولوجيا.
تصنيف الإخوان المسلمين: تحول في السياسة الأمريكية
تم توقيع الأمر التنفيذي في 24 نوفمبر، ويطلق العنان لمراجعة رسمية لأذرع جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان بموجب قوانين التصنيف الأمريكية. ويعيد هذا الأمر تعريف الطريقة التي تتعامل بها واشنطن مع الحركات الإسلامية التي تمتلك أجنحة سياسية وعسكرية. وقد أشاد السيناتور تيد كروز، الجمهوري عن ولاية تكساس، بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها ضرورية للأمن القومي.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أعلنت دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين حظر جماعة الإخوان المسلمين منذ سنوات، متهمة إياها بالتطرف ومحاولة تقويض مؤسسات الدولة. وقد أغلقت الأردن مكتبها المحلي هذا العام بعد اعتقالات مرتبطة بأنشطة أسلحة غير مشروعة. بينما اتخذت النمسا إجراءات قانونية ضد الشبكات المرتبطة بالإخوان كجزء من إطار عملها لمكافحة التطرف. ترى هذه الدول أن الجماعة تستخدم مزيجًا من الخطاب الديني والنشاط السياسي والمؤسسات الخيرية ومنصات الإعلام لتشكيل الرأي العام وتحدي سلطة الدولة.
في المقابل، تعمل جماعة الإخوان المسلمين بحرية أكبر في الغرب. في الولايات المتحدة، تعمل منظمات مرتبطة بالإخوان من خلال الجمعيات الخيرية ومراكز المناصرة والمساجد والجمعيات الطلابية والمجموعات المجتمعية. وقد أثار هذا الانفتاح مخاوف لدى مسؤولي مكافحة الإرهاب، خاصة بعد تحقيق فيدرالي أمريكي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كشف عن مذكرة داخلية للإخوان تصف عملها في أمريكا باعتباره جهدًا طويل الأجل للتأثير وإضعاف المؤسسات الغربية من الداخل.
الخلاف حول طبيعة الجماعة
لطالما دار جدل حول ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين حركة عالمية موحدة أم شبكة فضفاضة من الفروع الوطنية ذات الأجندات ومستويات التطرف المختلفة. وقد أعاق هذا الجدل المحاولات السابقة لتصنيف الجماعة. يتجاوز الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب هذا الجدل، ويوجه الوكالات الفيدرالية لفحص الفروع الفردية التي يقول المحللون إنها تستوفي بالفعل المعايير القانونية.
تشير التحليلات إلى أن هذا التوجه يعكس نموذجًا مشابهًا لتصنيف الولايات المتحدة لحماس، ذراع الإخوان في غزة، عام 1997: استهداف المكونات التي تمارس العنف، وليس الأيديولوجيا نفسها. وقالت ماريام وهبة، محللة بحثية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن التوجيه “يحل محل سنوات من الجدل بإجراءات ملموسة” ويجبر الوكالات الأمريكية على تقييم كيانات الإخوان التي تعمل كـ “منظمات حقيقية ذات هياكل قيادية وقنوات تمويل وعلاقات موثقة بمجموعات إرهابية”.
السياق الإقليمي وتأثيره
يأتي هذا القرار أيضًا في ظل تزايد المخاوف الإسرائيلية بشأن صعود كتلة إسلامية مدعومة من تركيا وقطر. أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنًا بإجراء ترامب، واصفًا الإخوان المسلمين بأنها “منظمة تهدد الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه”، وأضاف أن إسرائيل تنوي توسيع قيودها الخاصة.
تأسست الحركة عام 1928 على يد حسن البنا في مصر بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. روج الإخوان المسلمين – وفقًا للخبراء – للإسلام باعتباره الحل للأزمات السياسية الحديثة، واعتمدوا على التواصل والخدمات والإعلام لتوسيع قاعدتهم. وقد ألهم مفكرون مؤثرون مثل سيد قطب حركات جهادية مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
الخطوات التالية والتوقعات المستقبلية
على الرغم من أن الهدف ليس حظرًا شاملاً، بل عملية قانونية مستهدفة مبنية على روابط إرهابية قابلة للإثبات، إلا أن نتائج هذه المراجعة قد تحدد كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حركة محظورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ولا تزال نشطة في المجتمعات الغربية. من المتوقع أن تبدأ وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكية في تجميع الملفات الإثباتية، مع التركيز على الأنشطة المرتبطة بالإرهاب. سيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في هذه العملية، والجدول الزمني المتوقع لإصدار أي قرارات نهائية، والتأثير المحتمل على العلاقات الأمريكية مع الدول التي تدعم أو تستضيف جماعة الإخوان المسلمين.

