أكد المفوض الأوروبي للاقتصاد والمالية، فالديس دومبروفسكيس، أن الوقت قد حان لوقف النقاشات حول خيارات تمويل المساعدات لأوكرانيا والتحرك قدماً نحو حل عملي. وتأتي هذه التصريحات في ظل مواجهة أوكرانيا تحديات اقتصادية كبيرة بسبب الحرب المستمرة مع روسيا، مع وجود فجوة تمويلية تقدر بـ 135 مليار يورو. يرى دومبروفسكيس أن استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا كضمان لقرض هو “الحل الذي يمكن أن يوفر دعماً كبيراً لأوكرانيا دون فرض عبء مالي إضافي كبير على الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء”.

صرح دومبروفسكيس بذلك خلال مقابلة مع قناة “يورونيوز” يوم الأربعاء، في وقت يدرس فيه الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل كيفية الاستمرار في دعم أوكرانيا ماليًا. تعتبر قضية تمويل أوكرانيا ذات أهمية استراتيجية للاتحاد الأوروبي، حيث تسعى بروكسل إلى الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع تصعيد الصراع.

تمويل أوكرانيا: الأصول الروسية المجمدة في دائرة الضوء

في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت المفوضية الأوروبية ورقة خيارات تتضمن عدة مقترحات لتمويل دعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. وتشمل هذه الخيارات مساهمات ثنائية طوعية من الدول الأعضاء، وإصدار ديون على مستوى الاتحاد الأوروبي، والأهم من ذلك، قرض مضمون بالأصول الروسية المجمدة.

وأشار دومبروفسكيس إلى أن الخيارات الأخرى قد تكون أكثر تكلفة للدول الأعضاء، خاصة وأن أوكرانيا تواجه بالفعل تحديات تتعلق بالاستدامة المالية. وأضاف أن تقديم قروض إضافية لأوكرانيا دون معالجة جذور المشكلة قد لا يكون حلاً مستداماً على المدى الطويل.

وجه المفوض الأوروبي رسالة واضحة إلى الحكومة البلجيكية، التي تحتضن الجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي، والتي تعتبر حاليًا العقبة الرئيسية أمام الموافقة على القرض المضمون. وحذر دومبروفسكيس من أن “الاستسلام للترهيب سيؤدي إلى المزيد من الترهيب”، مؤكداً على ضرورة الوقوف في وجه الضغوط الروسية.

النقاش حول الأصول المجمدة وعلاقته بجهود السلام

يرتبط الجدل حول استخدام الأصول المجمدة ارتباطًا وثيقًا بمناقشات دور الاتحاد الأوروبي في أي اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا. وقد أثارت خطة السلام المكونة من 28 نقطة، والتي صاغتها الولايات المتحدة وروسيا، صدمة في أوروبا بسبب الأحكام التي اعتبرت مواتية للغاية لموسكو، وفقًا لتقارير إخبارية.

في المقابل، قدمت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مقترحًا مضادًا يدعو إلى وقف إطلاق النار على طول الخطوط الأمامية الحالية، دون أي تنازلات إقليمية إضافية، مع ضمانات أمنية لأوكرانيا. لكن الكرملين رفض هذا المقترح، حسبما ذكرت وكالات الأنباء.

في الوقت الحالي، تجري المفاوضات بشكل مستمر، حيث تخاطب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بشأن هذا الموضوع. كما عقدت كايا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، مؤتمرًا فيديو غير رسمي لوزراء خارجية الكتلة لمناقشة التطورات الأخيرة.

وضع دومبروفسكيس خطوطًا حمراء واضحة للموقف الأوروبي، مؤكدًا على احترام وحدة الأراضي الأوكرانية، وعدم تقييد القدرات العسكرية لأوكرانيا، وجعل تكامل أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي محورًا رئيسيًا لأي تسوية ما بعد الحرب.

وعند سؤاله عن مخاوفه من احتمال غزو روسيا لدول الاتحاد الأوروبي بعد أوكرانيا، كان رده قاطعًا. “نعلم من التاريخ أن استرضاء المعتدي لا يؤدي إلا إلى مزيد من العدوان. روسيا تتحدث علنًا عن غزو دول أخرى، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”، هذا ما قاله دومبروفسكيس، محذرًا من أن “إذا شعرت روسيا بالانتصار نتيجة هذه الحرب، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من العدوان، وسوف ينتشر هذا الصراع”.

تعتبر قضية الأصول الروسية المجمدة معقدة، حيث تثير مخاوف قانونية بشأن حقوق الملكية وتعويضات محتملة من قبل موسكو. ومع ذلك، يرى العديد من المسؤولين الأوروبيين أن استخدام هذه الأصول هو وسيلة ضرورية لضمان دعم أوكرانيا في مواجهة التحديات التي تواجهها.

من المتوقع أن يستمر النقاش حول هذه القضية في الأيام والأسابيع المقبلة، مع احتمال التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين، حيث تعتمد النتيجة النهائية على قدرة الدول الأعضاء على التغلب على خلافاتها والتوصل إلى حل توافقي. يجب مراقبة رد فعل الكرملين عن كثب، حيث قد يؤثر أي تصعيد من جانبه على مسار المفاوضات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version