أعرب قادة أوروبيون عن تحفظاتهم بشأن خطة السلام المقترحة لأوكرانيا التي تروج لها الولايات المتحدة، واصفين إياها بأنها “مسودة” تتطلب تعديلات كبيرة لدمج المطالب الأوروبية. وتأتي هذه التطورات في خضم جهود دبلوماسية مكثفة خلال قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، حيث يسعى الحلفاء إلى حماية أوكرانيا من الضغوط لقبول اتفاق سريع قد يعرضها لخطر العدوان المستقبلي. وتعتبر خطة أوكرانيا للسلام محور نقاشات حساسة بين القوى الكبرى.

مخاوف أوروبية من خطة السلام الأمريكية لأوكرانيا

عقد قادة من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا اجتماعات طارئة على هامش قمة العشرين لمناقشة خطة الـ 28 نقطة التي قدمتها واشنطن. وأصدروا بيانًا مشتركًا مساء السبت يؤكد أن الخطة يمكن أن تشكل أساسًا للتفاوض، لكنها تحتاج إلى مزيد من العمل وأن الشروط الحالية ليست نهائية. وقد حظي البيان بتأييد واسع من قبل عدد من القادة الأوروبيين.

أحد أبرز أسباب القلق يتعلق بالقيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية. وفقًا للبيان، فإن تقليص الجيش الأوكراني، كما تقترح الخطة الأمريكية، أمر يثير قلقًا بالغًا. كما أكد القادة الأوروبيون أن أي ترتيبات تتعلق بأمن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يجب أن تتم بموافقة دول الاتحاد والأعضاء في الناتو على التوالي.

النقاط الرئيسية للخلاف

تركز الخلافات الرئيسية بين الجانبين الأوروبي والأمريكي حول ثلاثة جوانب رئيسية: السيادة، الأراضي، وتعويضات الحرب. ويؤكد الأوروبيون رفضهم لأي تغيير في الحدود بالقوة، وهو ما يتعارض مع الخطة الأمريكية التي تدعو إلى تنازلات إقليمية كبيرة من أوكرانيا، بما في ذلك التخلي عن شبه جزيرة القرم ومناطق لوهانسك ودونيتسك لصالح روسيا.

بالإضافة إلى ذلك، يرفض الأوروبيون فكرة تقليل القدرات العسكرية لأوكرانيا. وهم يتفقون مع الحكومة الأوكرانية على أنه يجب تعزيز القوات المسلحة وتوسيعها في المستقبل لضمان قدرتها على الدفاع عن البلاد ومنع أي عدوان محتمل. وتعكس هذه النقطة التزام أوروبا بدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.

وثيقة الخلاف الكبيرة تتعلق بالأصول الروسية المجمدة. يسعى الاتحاد الأوروبي إلى استخدام حوالي 140 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة في بلجيكا لإصدار قرض تعويضات غير مسبوق لصالح أوكرانيا، لتغطية احتياجاتها العسكرية والميزانية لعامي 2026 و 2027.

في المقابل، تشير الخطة الأمريكية، وفقًا لتسريبات، إلى إلغاء تجميد هذه الأصول ووضعها في صندوقين استثماريين، أحدهما لدعم أوكرانيا والآخر للاستثمار في روسيا. وعلى الرغم من عدم وضوح التفاصيل، يبدو أن الولايات المتحدة ستستفيد اقتصاديًا من كلا الصندوقين، بينما ستتحمل أوروبا العبء الأكبر لإعادة إعمار أوكرانيا، والذي تقدر قيمته بـ 100 مليار يورو.

أحد المسؤولين الأوروبيين، الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، وصف هذه الفكرة بأنها “مفاجئة وقاسية اقتصاديًا”. ويرى الأوروبيون أن الاحتفاظ بالأصول المجمدة هو أداة ضغط قوية على روسيا.

المفاوضات مستمرة

وتأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خيارًا صعبًا، حسبما صرح به في خطاب فيديو يوم الجمعة. ووصف الخيار بأنه “إما أن تفقد أوكرانيا كرامتها أو تدعمها الولايات المتحدة”.

ومن المتوقع أن يعقد قادة الاتحاد الأوروبي الـ 27 اجتماعًا آخر يوم الاثنين لمناقشة هذه القضايا بشكل أعمق. ويواجه الأوروبيون تحديًا كبيرًا في تقديم خطة بديلة تضمن مصالح أوكرانيا وأمن أوروبا، دون إثارة غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سريع. ويصف دبلوماسيون هذه اللحظة بأنها “الأصعب على الإطلاق”.

الوضع لا يزال متقلبًا، ومع استمرار النقاشات الدبلوماسية، ستكون الرؤية الأوروبية حول مستقبل أوكرانيا حاسمة في تحديد مسار المفاوضات. يجب متابعة تطورات اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين، وموقف الرئيس ترامب، لتقييم السيناريوهات المحتملة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version