أعلنت المدافعة الأوروبية، تيريزا أنجينيو، عن اعترافها بوجود “تحديات” في ضمان الوصول الشفاف إلى الوثائق عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، لكنها دافعت عن حسن نية المفوضية الأوروبية برئاسة أورسولا فون دير لاين. يأتي هذا التصريح في خضم تحقيق تجريه مؤسستها حول طريقة تعامل المفوضية مع طلب صحفي للإفراج عن رسالة Signal أرسلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى فون دير لاين. وتؤكد أنجينيو على أهمية الشفافية في عمل المؤسسات الأوروبية.
وقالت أنجينيو في برنامج “12 دقيقة مع” على قناة Euronews: “أقر بوجود الكثير من الانتقادات المتعلقة بكيفية تعامل المفوضية مع طلبات الوصول إلى الوثائق”. وأضافت: “إذا لم يتمكن المواطنون من الوصول إلى المعلومات، أعتقد أن الانتقادات التي نسمعها مبررة بالفعل”. وأشارت إلى أن مكتبها يتلقى عددًا كبيرًا من الشكاوى المتعلقة بالوصول إلى الوثائق.
تحديات الوصول إلى الوثائق والالتزام بالشفافية
ومع ذلك، جادلت أنجينيو بأن المفوضية “ملتزمة” بالامتثال لقواعد الشفافية، واصفة ذلك بأنه “أمر مشرق وإيجابي”. بدأ تحقيق المدافع الأوروبي في سبتمبر الماضي، بعد أن رفضت المفوضية الكشف عن رسالة Signal استجابةً لطلب من صحفي في مؤسسة Follow The Money.
أكدت المفوضية لاحقًا أن فون دير لاين قد فعلت ميزة “الرسائل ذاتية الاختفاء” في تطبيق المراسلة الفورية. وذكرت المفوضية أن هذا يعني أنها لم تتمكن من تحديد موقع الرسالة، على الرغم من ادعائها في البداية أن فون دير لاين ورئيس ديوانها قد قيّما الرسالة واعتبروها غير ضرورية للحفظ.
وتنص قواعد الاتحاد الأوروبي على أن المؤسسات ملزمة بتوفير الوصول إلى الوثائق المتعلقة بسياسات الاتحاد الأوروبي، “بغض النظر عن وسيطها”. وأوضحت أنجينيو: “عندما يكون لديك طلب للوصول إلى وثيقة، لا ينبغي أن تختفي هذه الوثيقة. يجب الاحتفاظ بها لتحليل ما إذا كان ينبغي الكشف عنها أم لا، وما إذا كان ينبغي اعتبارها وثيقة أم لا”.
التحقيق مستمر والتوصيات غير ملزمة
التحقيق الذي تجريه المدافعة الأوروبية لا يزال مستمرًا، وأي توصيات ستصدر عنه ستكون غير ملزمة. ومع ذلك، دافعت المفوضية عن استخدام رئيسها لخاصية الحذف التلقائي للرسائل النصية، مشيرةً إلى الحاجة إلى تقليل مخاطر التسريبات والاختراقات الأمنية، وإتاحة مساحة على الأجهزة المحمولة.
وشددت أنجينيو على أهمية عدم تكرار الأخطاء السابقة، قائلة: “من المهم بشكل خاص في هذه الحالة (…) ضمان عدم تكرار ما حدث في الماضي”. وأكدت على ضرورة الاحتفاظ بالوثائق لتحليل إمكانية الكشف عنها.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها فون دير لاين اتهامات شخصية بإخفاء اتصالاتها الخاصة، حتى تلك المتعلقة بسياسات الاتحاد الأوروبي. تذكر هذه القضية إلى حد كبير قضية “Pfizergate”، حيث رفضت فون دير لاين الكشف عن رسائل WhatsApp المتبادلة مع الرئيس التنفيذي لشركة الأدوية الألمانية Pfizer، والتي تناولت مناقشات حول عقود لقاحات كوفيد-19.
وحكمت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي لصالح صحيفة نيويورك تايمز، التي رفعت القضية، قائلة إن المفوضية قد خرقت قواعد الشفافية الخاصة بها. وبررت المفوضية ذلك في وثيقة أرسلتها إلى الصحيفة الأمريكية بأن الرسائل لم تكن تستحق الاحتفاظ بها لأنها كانت “قصيرة الأجل”. تعتبر هذه القضايا جزءًا من نقاش أوسع حول الحوكمة الرشيدة والمساءلة داخل الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا الجدل تساؤلات حول استخدام التطبيقات المشفرة في التواصل الرسمي، ومدى توافق ذلك مع مبادئ الشفافية. وتشير التقارير إلى أن العديد من المسؤولين الأوروبيين يستخدمون تطبيقات المراسلة المشفرة، مما يجعل من الصعب تتبع ومراجعة اتصالاتهم.
من المتوقع أن تواصل المدافعة الأوروبية تحقيقها في هذه المسألة، وأن تقدم توصياتها إلى المفوضية في غضون الأشهر القليلة القادمة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل المفوضية على هذه التوصيات، وما إذا كانت ستتخذ خطوات ملموسة لتعزيز الشفافية والمساءلة في عملها. كما يجب متابعة أي تطورات قانونية محتملة قد تنشأ عن هذه القضية، خاصة فيما يتعلق بتفسير قواعد الوصول إلى الوثائق في ضوء التكنولوجيا الحديثة.

