حصل مشروع منجم باروسو في شمال البرتغال على الضوء الأخضر للاستمرار في وضعه كمشروع “استراتيجي” رسميًا، بعد أن خلصت المفوضية الأوروبية إلى أنه لن يؤثر سلبًا على احتياطيات المياه. يمثل هذا القرار خطوة مهمة في سعي الاتحاد الأوروبي لتأمين إمدادات مستدامة من الليثيوم، وهو معدن حيوي لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
كان المشروع قد حظي باعتراف سابق من المفوضية الأوروبية بوصفه “استراتيجيًا” في مارس، لكن ردود الفعل العنيفة من الجمهور بسبب المخاوف البيئية والطعون القانونية عطلت تطوره. ومع ذلك، أكدت المفوضية بعد تقييم مفصل أن التعديلات التي أدخلت على المشروع تضمن عدم تعارضها مع الأهداف البيئية للاتحاد الأوروبي.
أهمية الليثيوم في استراتيجيات الاتحاد الأوروبي
يأتي هذا القرار في ظل تسارع وتيرة جهود الاتحاد الأوروبي لزيادة إنتاج المواد الخام الرئيسية اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية. وفقًا لـ قانون المواد الخام الحيوية لعام 2024 (CRMA)، تم تحديد 34 مادة خام حيوية و 17 مادة استراتيجية باعتبارها ضرورية للانتقال نحو اقتصاد أخضر ورقمي، بالإضافة إلى قطاعات الدفاع والفضاء.
يهدف القانون إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية فيما يتعلق باستهلاك المواد الخام السنوي للاتحاد الأوروبي: استخراج 10% من الاحتياجات محليًا، ومعالجة 40% داخل الاتحاد الأوروبي، واستعادة 25% من خلال إعادة التدوير. وتستهدف هذه الخطوات تقليل الاعتماد على المنتجين الأجانب، وخاصة الصين، وضمان تنويع مصادر الإمداد.
مبادرة ReSourceEU
أشار مسؤولون في المفوضية الأوروبية إلى أن الأزمة الأخيرة التي تتعلق بشركة تصنيع الرقائق Nexperia، والتي أدت إلى فرض الصين رسومًا جمركية على المعادن الأرضية النادرة وتعطيل قطاع السيارات الأوروبي، كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ. وقد ساهمت هذه الأزمة في تطوير استراتيجية جديدة لتقليل المخاطر، أطلقت عليها مبادرة ReSourceEU.
تتمحور خطة ReSourceEU حول مراقبة كل من استخراج ومعالجة المواد الخام، وتقليل مخاطر انقطاع الإمداد، وتنويع المصادر، وإعادة التدوير، وتخزين الاحتياجات. وأكد ستيفان سيجورنيه، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، على أهمية الحوار مع بكين، مشيرًا إلى أنه “يبقى ضروريًا” في هذا السياق.
أفادت المفوضية الأوروبية أنها ستفرض قيودًا على تصدير النفايات المغناطيسية الدائمة وستفرض رسومًا جمركية عليها بهدف تعزيز استخدام المواد المعاد تدويرها. بالإضافة إلى ذلك، سيقوم الاتحاد الأوروبي بإنشاء نظام شراء مشترك للدول الأعضاء، مع توفير تمويل بقيمة 3 مليارات يورو لإزالة العوائق أمام المشاريع في المستقبل القريب.
من المتوقع أيضًا أن تحصل ReSourceEU على تمويل إضافي من الدول الأعضاء، مع دعوة لتعبئة صناديق التماسك والدفاع كجزء من الاستراتيجية الشاملة لتقليل الاعتماد على مصادر خارجية. وتعتزم المفوضية الأوروبية الإعلان عن مجموعة جديدة من المشاريع المتعلقة بالمواد الخام الحيوية في يناير القادم.
تشير التقديرات إلى أن مشروع منجم باروسو يمكن أن ينتج ما يكفي من الليثيوم لتصنيع ما يقرب من 500 ألف حزمة بطاريات للسيارات الكهربائية سنويًا، وقد تصل هذه الكمية إلى مليون حزمة وفقًا لبعض التقديرات. ويضع هذا المشروع البرتغالي البلاد في طليعة الدول الأوروبية التي تسعى إلى تطوير سلسلة توريد محلية لبطاريات الليثيوم.
تطورات مستقبلية وتحديات محتملة
بينما يمثل قرار الموافقة على مشروع منجم باروسو خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في مجال المواد الخام الحيوية، لا تزال هناك تحديات قائمة. يجب ضمان الامتثال الكامل للمعايير البيئية، ومعالجة مخاوف المجتمعات المحلية بشكل فعال، وتسريع وتيرة تطوير مشاريع مماثلة في جميع أنحاء أوروبا. وستراقب الجهات المعنية عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ خطة ReSourceEU وتأثيرها على أمن الإمداد ودعم النمو المستدام لقطاع بطاريات السيارات الكهربائية.

