أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، تصعيدًا في التوترات مع أوروبا، محذرًا من أن موسكو مستعدة لمواجهة أي حرب تشنها الكتلة الأوروبية ضدها. جاء هذا التحذير في سياق انتقادات لاذعة من بوتين لقادة أوروبيين، اتهمهم بعرقلة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتوصل إلى حل سلمي للحرب المستمرة في أوكرانيا منذ ما يقرب من أربع سنوات. هذه التصريحات تزيد من حدة المخاوف بشأن مستقبل الأمن الإقليمي وتثير تساؤلات حول احتمالات تصعيد الصراع، خاصة مع استمرار الدعم الغربي لكييف.
تصريحات بوتين حول الحرب في أوكرانيا والتهديدات الأوروبية
أدلى بوتين بهذه التصريحات ردًا على تقارير إعلامية روسية أشارت إلى تحذيرات من وزير الخارجية الهنغاري بأن أوروبا تستعد للحرب مع روسيا. وأكد بوتين، على غرار تصريحاته السابقة، أن موسكو لا تسعى إلى إشعال حرب مع الدول الأوروبية. ومع ذلك، شدد على أن بلاده مستعدة للرد بشكل حاسم إذا ما أقدمت أوروبا على أي عمل عدائي.
وعبر بوتين عن استيائه من “المطالب غير المقبولة” التي تقدمت بها القيادة الأوروبية والتي، بحسب قوله، أدت إلى إجهاض أي محاولات جادة للتوصل إلى اتفاق سلام. ويزعم بوتين أن هذه المطالب كانت متعمدة بهدف إلقاء اللوم على روسيا في فشل العملية السلمية.
الخلافات حول الدعم العسكري لأوكرانيا
يأتي هذا التحذير في ظل استمرار الدعم العسكري والمالي الغربي لأوكرانيا، حيث ترى القيادة الأوروبية أن غزو روسيا لأوكرانيا يمثل خطوة نحو حرب أوسع نطاقًا. وقد ضخت الدول الأوروبية مليارات الدولارات لدعم كييف، وهو ما أثار غضب موسكو. وفي أكتوبر الماضي، حذر بوتين أوروبا من أنها ستواجه “رد فعل كبير” في حال استمرت في تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
وفي فبراير 2024، نبه بوتين إلى أن أي تدخل عسكري غربي مباشر في أوكرانيا قد يؤدي إلى تصعيد نووي، وهو تحذير يعتبر على نطاق واسع بمثابة رسالة موجهة إلى أوروبا وحلفائها. هذه التصريحات تعكس القلق الروسي العميق من تزايد التدخل الغربي في الصراع الأوكراني.
مبادرات السلام الأمريكية وتوقعات روسية
تزامن هذا التصعيد في الخطاب مع زيارة وفد أمريكي رفيع المستوى إلى الكرملين، برئاسة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وابن الرئيس الأمريكي السابق جاريد كوشنر، لمناقشة مبادرة سلام جديدة. أبدى بوتين اهتمامًا بالمبادرة، واصفًا إياها بأنها “نقطة انطلاق” جيدة للحوار. لكنه شدد على ضرورة وجود “نقاش جاد” حول هذه المبادرة.
ويُذكر أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد حذر في الأسبوع الماضي من أن موسكو قد ترفض الإطار العام للسلام الذي تقترحه الولايات المتحدة إذا لم يتوافق مع “روح ونص” الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين الرئيسين ترامب وبوتين في قمة ألاسكا عام 2021. وأشار لافروف إلى أن أي تقويض لهذه “التفاهمات الرئيسية” سيؤدي إلى تغيير جذري في الوضع.
وفي سياق منفصل، يصف بوتين الصراع في أوكرانيا بأنه “عملية جراحية” تهدف إلى تحقيق أهداف محددة، مشيرًا إلى أنه لن يتم التعامل مع أي مواجهة مباشرة مع القوى الأوروبية بنفس القدر من “الحذر”. وهذا يعني أن روسيا قد تلجأ إلى استخدام قوة أكبر في حالة حدوث أي صراع مباشر مع أوروبا.
بينما تستمر الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي، يبقى الوضع في أوكرانيا متقلبًا للغاية. الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار الحوار بين الوفود الأمريكية والروسية حول مبادرة السلام المقترحة، مع التركيز على معالجة المخاوف الروسية بشأن ضمانات أمنية موثوقة. مع استمرار التوترات وتباين المواقف، يبقى مستقبل المفاوضات والسلام في أوكرانيا غير مؤكد.

