انتقد وزير الخارجية الأوكراني السابق دميتري كوليبا وتيرة اتخاذ القرار في أوروبا بشأن الحرب في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الحلفاء الأوروبيين يفشلون في تقديم “إجابات للأسئلة الأكثر حيوية”. وتأتي هذه التصريحات في ظل جهود دبلوماسية متسارعة للتوصل إلى اتفاق سلام، برعاية الولايات المتحدة، مع تهميش دور أوروبا بشكل كبير في هذه المحادثات. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مستقبل الدعم الأوروبي لأوكرانيا وفعالية الاستراتيجيات المتبعة في مواجهة الأزمة.

وقال كوليبا في برنامج “12 دقيقة مع” على قناة “يورونيوز”: “أليس من المحرج أنه بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات على الحرب، لا يزال القادة الأوروبيون يقفزون من موضوع إلى آخر، من إرسال قوات حفظ سلام إلى قوات تطمين إلى تعزيز الجيش الأوكراني؟”. وأضاف: “مع هذا الوتيرة في اتخاذ القرار والفهم المفاهيمي لمكانة أوروبا، لا يبدو أن هناك أوقاتًا جيدة تنتظر أوروبا في المستقبل.”

الحرب في أوكرانيا: انتقادات أوروبية وتطورات مفاوضات السلام

تزامنت هذه الانتقادات مع الكشف عن مسودة اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وروسيا، تم تقديمها لأوكرانيا من قبل إدارة ترامب. وقد أثارت هذه المسودة حراكًا دبلوماسيًا لإعادة صياغة شروطها، وسط مخاوف أوكرانية من تنازلات محتملة. وتشير التقارير إلى أن واشنطن تعاملت مع هذه الخطة بشكل “عدواني وغير منتظم”، مما أدى إلى تسريع انهيارها.

في حين انضمت مساعدتان رئيسيتان من الاتحاد الأوروبي إلى المفاوضات مع الوفود الأوكرانية والأمريكية في جنيف، إلا أن الدور القيادي للقادة الأوروبيين ظل محدودًا. وقد أكدت فرنسا والمملكة المتحدة مجددًا التزامهما بتقديم ضمانات أمنية “صلبة” لأوكرانيا كجزء من “تحالف الإرادة”، وأعلنتا عن تشكيل قوة عمل مشتركة لتحديد هذه الضمانات بمشاركة الولايات المتحدة.

ومع ذلك، لم يقدم هذا التحالف، الذي يضم 33 دولة، حتى الآن التزامات ملموسة بشأن عدد القوات التي قد تكون مستعدة لنشرها. ويرى كوليبا أن “تحالف الإرادة” يركز بشكل أكبر على “صياغة العلامة التجارية” بدلاً من تقديم “إجابات للأسئلة الأكثر حيوية”.

دور الولايات المتحدة في المفاوضات

كشفت تسريبات حديثة عن مسودة أولية تتضمن 28 نقطة للسلام، تم صياغتها في محادثات سرية بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وكبير المسؤولين الروس كيريل ديميترييف. وأظهر تسجيل مسرب لمكالمة بين ويتكوف ومساعد في الكرملين أن ويتكوف كان يقدم نصائح للروس حول كيفية كسب تأييد الرئيس ترامب. هذا الأمر يثير الشكوك حول مدى ثقة أوكرانيا في المفاوضات الأمريكية.

ورداً على سؤال حول مدى إمكانية الثقة في المفاوضين الأمريكيين، أجاب كوليبا: “ليس حقًا، ولكن ليس لدينا أمريكا أخرى”. وأضاف: “لذلك يجب عليك التعامل معهم، مع إدراك أنه لا يمكنك الاعتماد عليهم بالكامل”. وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا غنى عنها في العديد من القضايا، مما يجعل قطع العلاقات معها أمرًا غير ممكن.

ويرى كوليبا أن الجهود الحالية للتوصل إلى اتفاق سلام “قد انهارت بالفعل” بسبب “التعامل العدواني وغير المنتظم” مع خطة الـ 28 نقطة من قبل واشنطن، والأضرار الناجمة عن تسريب المكالمات بين المسؤولين الأمريكيين والروس. ومع ذلك، يتوقع أن تظهر جهود جديدة، لكنه يشك في أنها ستكون مختلفة جوهريًا، مشيرًا إلى أن “المحتوى سيكون هو نفسه”، حتى لو تم تغيير الصياغة أو عدد النقاط.

وتشير التقديرات إلى أن الصراع في أوكرانيا قد أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح وتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى تداعياته الاقتصادية والإنسانية على المنطقة والعالم. وتتزايد الدعوات الدولية إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي يضمن سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.

الوضع الحالي يثير قلقًا بالغًا بشأن مستقبل الأمن والاستقرار في أوروبا الشرقية، ويؤكد على أهمية استمرار الدعم الدولي لأوكرانيا. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المفاوضات والجهود الدبلوماسية، مع التركيز على إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، لا تزال العقبات كبيرة، ولا يمكن التنبؤ بالنتائج النهائية للمفاوضات.

في الختام، من المرجح أن تستمر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للحرب في أوكرانيا، ولكن مع استمرار الخلافات حول الشروط الأساسية للسلام، يبقى مستقبل الأزمة غير واضحًا. سيكون من المهم مراقبة التطورات في المفاوضات، وردود الفعل من الأطراف المعنية، وأي تحولات في المواقف السياسية التي قد تؤثر على مسار الأزمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version