مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تتزايد الجهود الدبلوماسية للوصول إلى حل سلمي. تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تعمل على إطار عمل جديد للسلام، مع تقدم ملحوظ، لكن العقبة الرئيسية لا تزال هي الخلاف حول الأراضي الأوكرانية. حيث يصر الكرملين على الاحتفاظ بالأراضي التي يسيطر عليها، بينما ترفض كييف التنازل عن أي جزء من أراضيها. هذا الخلاف حول **السلام في أوكرانيا** يمثل التحدي الأكبر أمام أي تقدم.
إطار عمل السلام الجديد: هل نشهد اختراقًا؟
أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن “تقدم كبير” في هذا الصدد، مشيرًا إلى أن مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، سيلتقي بمسؤولين روس في موسكو. بالتزامن مع ذلك، ستعقد قيادات دفاعية أمريكية رفيعة المستوى اجتماعات مع نظرائها الأوكرانيين. وذكر مسؤول أمريكي كبير أن كييف قد قبلت “الخطوط العريضة” للاتفاق المحتمل، مع استمرار التفاوض بشأن “تفاصيل بسيطة”.
تنسق الدول الأوروبية الحليفة أيضًا جهودًا جديدة من خلال ما يسمى بـ “تحالف الإرادة”، حيث دعت فرنسا إلى “سلام عادل ودائم”. ومع ذلك، تأتي هذه الجهود في ظل استمرار روسيا في شن هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على كييف، مما أسفر عن مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية للطاقة.
وجهات نظر متباينة حول المفاوضات
يرى أوكسيي هونشارينكو، عضو في البرلمان الأوكراني، أن بلاده يجب أن تسعى إلى السلام “في أقرب وقت ممكن”، على الرغم من عدم ثقة قطاعات واسعة من المجتمع الأوكراني في الخطة المطروحة. وأكد على أن هذا الإطار يمثل فرصة للعمل، حتى لو لم يكن مثاليًا.
في المقابل، يرى النائب الأمريكي آندي بار، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، أن الوضع يؤكد الحاجة إلى قيادة أمريكية قوية. وأشار إلى أن روسيا غزت أوكرانيا بسبب “ضعف” الرئيس جو بايدن، وأن ترامب كان يتمتع بقيادة “قوية” أبقت بوتين “محتوى”.
أما الخبير الاقتصادي الروسي السابق، سيرغي ألكساشينكو، فيؤكد أن الخلاف الرئيسي يكمن في المسألة الإقليمية. وأوضح أن روسيا تسعى إلى ضم الأراضي التي لم تتمكن من الاستيلاء عليها عسكريًا، بينما ترفض أوكرانيا التخلي عن أي جزء من أراضيها. ويرى ألكساشينكو أنه لا توجد مؤشرات على استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتقديم تنازلات، معتقدًا أن الكرملين يرى أن الدعم الغربي لأوكرانيا آخذ في التراجع.
العقبة الرئيسية: الأراضي المتنازع عليها
ويشير المحللون إلى أن أي اتفاق سلام دائم يجب أن يتناول بشكل مباشر قضية الأراضي. ومع ذلك، فإن المواقف المتصلبة لكلا الطرفين تجعل من الصعب إيجاد حل وسط مقبول. فمن جهة، تصر روسيا على الاعتراف بضمها للأراضي الأوكرانية، بينما ترفض أوكرانيا بشكل قاطع أي تنازل عن سيادتها الإقليمية. هذا التباين الجذري يعقد بشكل كبير عملية التفاوض ويضعف آمال تحقيق **السلام في أوكرانيا**.
الجنرال فيليب بريدلوف، القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، أعرب عن رفضه لأي اتفاق يتضمن تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لم يتمكنت روسيا من احتلالها. وحذر من أن أهداف بوتين تتجاوز أوكرانيا، وأن الرئيس الروسي يسعى إلى إعادة تشكيل النظام الأمني في أوروبا الشرقية.
ويؤكد بريدلوف أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفاوض تحت ضغط كبير من الحكومات الغربية التي تتحكم في وصول أوكرانيا إلى الأسلحة والتمويل. ومع ذلك، يشدد على أن الأوكرانيين لن يتوقفوا عن القتال حتى لو فقدوا الدعم الغربي.
تعديل المقترحات الأمريكية
يذكر أن النسخ الأولية من المقترح الأمريكي تضمنت بنودًا “مسيئة” لم تكن أوكرانيا لتقبلها أبدًا، لكن العملية شهدت “تحسنًا” بعد دمج مدخلات كييف. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التعديلات كافية لإرضاء كلا الطرفين. ويشير بريدلوف إلى أن ما هو مقبول لأوكرانيا قد لا يكون مقبولاً للرئيس بوتين.
تتطلب الجهود الحالية أيضًا النظر في قضايا أخرى مرتبطة بـ **الأزمة الأوكرانية**، مثل رفع العقوبات عن روسيا، وهو مطلب رئيسي من جانب الكرملين. ومع ذلك، يرى العديد من الأوكرانيين أن تخفيف العقوبات سيكون بمثابة مكافأة لروسيا على عدوانها.
في الختام، يظل مستقبل **السلام في أوكرانيا** غير مؤكد. من المتوقع أن تستمر المفاوضات في الأسابيع المقبلة، مع التركيز على إيجاد حل للمسألة الإقليمية. ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على استعداد كلا الطرفين لتقديم تنازلات، وهو أمر غير مضمون في الوقت الحالي. يجب مراقبة تطورات الوضع على الأرض، ومواقف الأطراف المعنية، وردود الفعل الدولية عن كثب لتقييم فرص تحقيق سلام دائم.

