تصاعدت التوترات بين سوريا وإسرائيل بعد تداول مقطع فيديو يظهر جنودًا سوريين يهتفون بشعار جهادي معلنًا الحرب على إسرائيل خلال استعراض عسكري في دمشق يوم الثلاثاء. وقد أثار هذا الفيديو رد فعل قويًا من مسؤولين إسرائيليين، حيث توقع وزير الشؤون الدبلوماسية أميحاي تشيكلي أن “الحرب أمر لا مفر منه”. هذا التطور يثير مخاوف بشأن استقرار المنطقة ويزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية الجارية.

تصعيد التوتر وتهديدات الحرب بين سوريا وإسرائيل

نشر تشيكلي على منصة X (تويتر سابقًا) مقطع الفيديو الذي يظهر الجيش السوري الجديد يسير في دمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشراعا. ووفقًا لترجمة مستقلة للغة العربية، احتوى الهتاف على عبارات مثل “غزة، غزة، ندائنا، النصر والثبات، ليلًا ونهارًا. ننهض ضدك يا عدو، ننهض. من جبال النار نصنع طريقنا. من دمي أصنع ذخيرتي، ومن دمك ستجري الأنهار”. هذا الهتاف يمثل تصعيدًا حادًا في الخطاب ضد إسرائيل.

ردود الفعل الإسرائيلية والاتهامات الموجهة للنظام السوري

في تصريح لـ Fox News Digital، قال تشيكلي إن “الشهادات المروعة التي تأتي من إخواننا الدروز حول ما يحدث في السويداء لا تترك مجالاً للشك. نظام يقتل مثل داعش، ويسفك مثل داعش، ويدمر مثل داعش كل ما ليس منه – إنه داعش، حتى لو كان يرتدي بدلة ويلعب كرة السلة”. هذه التصريحات تعكس قلقًا عميقًا إسرائيليًا بشأن طبيعة النظام السوري وسياساته.

في الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى التوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل يهدف إلى تحقيق الاستقرار في قلب الشرق الأوسط. وقد التقى الشراعا مع ترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي.

جهود الوساطة الأمريكية ومخاوف إسرائيل

أفاد توم باراك، السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص لسوريا، في مؤتمر للقدس بوست في واشنطن العاصمة، أن دمشق ليست مهتمة بالعدوان ضد إسرائيل. وأضاف أن الولايات المتحدة وسوريا قامتا بتصفية تسعة خلايا تابعة لحزب الله وعدة خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية خلال الأسابيع القليلة الماضية. ومع ذلك، أكد باراك أن إسرائيل لا تثق بأحد بعد السابع من أكتوبر، واقترح أن تلعب الولايات المتحدة دور قوة حفظ السلام. وأشار إلى أن إسرائيل تعتبر سوريا “الخيار الأسهل” في الوضع الأمني المعقد في الشرق الأوسط.

بالإضافة إلى ذلك، ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الشراعا صرح في مؤتمر في قطر بأنه “هناك مفاوضات جارية، والولايات المتحدة تشارك وتشارك في تلك المفاوضات”. ويرغب الرئيس السوري في أن تسحب إسرائيل قواتها من سوريا وتلتزم باتفاق الهدنة لعام 1974.

الوضع الأمني في جنوب سوريا والاتهامات المتبادلة

تتهم إسرائيل بالسيطرة على منطقة عازلة غير مسلحة بمساحة 400 كيلومتر مربع في جنوب سوريا كإجراء وقائي لمنع المتطرفين من التسلل إلى المنطقة بعد سقوط نظام الأسد. وتنفذ القوات الإسرائيلية عمليات منتظمة في القرى والبلدات داخل وخارج المنطقة، بما في ذلك المداهمات التي تستهدف المشتبه بهم من المتطرفين. وقد قُتل ما لا يقل عن 13 شخصًا في عملية إسرائيلية ضد مشتبه بهم من الإرهابيين الشهر الماضي.

وفي معرض رده على الأسئلة المتعلقة بسجله كعضو في تنظيم القاعدة (حيث ألغت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل القبض على الشراعا بتهمة الإرهاب العام الماضي)، قال الرئيس السوري في المنتدى الدوحة: “ما هو تعريف الإرهاب أو الإرهابي؟ القول بأنني كنت إرهابيًا والحكم عليّ كإرهابي هو أمر سياسي… لقد رأينا حروبًا في أفغانستان والعراق – كل من قُتل كانوا أبرياء”. وأضاف أن الحكم على الأشخاص كإرهابيين يجب أن يكون مبنيًا على أدلة، وأن هناك الكثير من الارتباك في فهم كلمة “إرهابي”.

دان دان ديكر، رئيس مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، الوضع الأمني المستمر في سوريا بأنه “معقد للغاية”. وأشار إلى أن إسرائيل وسوريا تجريان محادثات مكثفة بوساطة أمريكية للوصول إلى ترتيب أمني رسمي بين البلدين، بينما تحاول إيران ووكلاؤها تخريب أي اتفاق محتمل. وأضاف أن الولايات المتحدة، ووكالة المخابرات المركزية والقوات العسكرية، تشارك بشكل كبير في تأمين واستقرار الوضع في سوريا، وهو ما يفسر تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة لإسرائيل بشأن المساعدة في الحفاظ على الإطار في سوريا.

وأكد ديكر أن إيران وحزب الله التابع لها يحاولان إفشال أي ترتيب أمني بين حكومة الشراعا والحكومة الإسرائيلية. وأشار إلى أن النظام الإيراني والجماعات الإرهابية المرتبطة به حاولوا اغتيال الشراعا عدة مرات، وأنهم يقومون بتعبئة خلايا إرهابية في جنوب سوريا وإرسالها إلى الحدود الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى الضربات الإسرائيلية المضادة للإرهاب، مثل تلك التي شهدناها في بيت جن.

في الختام، يظل الوضع بين سوريا وإسرائيل متوترًا للغاية. من المتوقع أن تستمر المفاوضات بوساطة أمريكية في الأيام والأسابيع المقبلة، ولكن نجاحها غير مضمون. يجب مراقبة تطورات الوضع الأمني في جنوب سوريا عن كثب، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه إيران ووكلاؤها في المنطقة. الخطوة التالية الحاسمة ستكون تحديد ما إذا كان الطرفان قادرين على التوصل إلى اتفاق أمني يضمن استقرار المنطقة ويمنع المزيد من التصعيد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version