أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز يوم الخميس عن خطط حكومته لإنشاء جائزة وطنية للشجاعة لتكريم المدنيين والمستجيبين الأوائل الذين خاطروا بحياتهم خلال إطلاق نار جماعي في بداية الشهر الجاري، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصًا خلال احتفال بـعيد الأنوار. يأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه أستراليا تداعيات أسوأ مجزرة منذ عام 1996، والتي وصفها مسؤولون بأنها هجوم مستوحى من تنظيم داعش استهدف الجالية اليهودية في البلاد خلال فترة الأعياد.
وقع الحادث في منطقة بوندي بيتش في سيدني، حيث هاجم مسلحون مركزًا مجتمعيًا يهوديًا. وقد أثارت هذه الجريمة صدمة واسعة النطاق في أستراليا وأعادت إلى الواجهة المخاوف بشأن التطرف والإرهاب، بالإضافة إلى قضايا السلامة المجتمعية. تجري حاليًا تحقيقات مكثفة لتحديد جميع المتورطين في الهجوم وفهم دوافعهم بشكل كامل.
جائزة الشجاعة الوطنية: تقدير للبطولة في مواجهة الإرهاب
أكد ألبانيز أن عيد الميلاد هذا يحمل معنى مختلفًا بسبب “العنف الإرهابي والمعادي للسامية”. وأضاف أن الأمة شهدت في الوقت نفسه أسوأ ما في الإنسانية وأفضل ما فيها، مشيرًا إلى شجاعة وإحسان وتعاطف أولئك الذين هرعوا إلى مساعدة الضحايا. تهدف الجائزة الجديدة إلى الاعتراف رسميًا بتلك الأعمال البطولية.
أحمد ال أحمد: مثال على الشجاعة
من بين الذين سيتم تكريمهم أحمد ال أحمد، وهو صاحب متجر أسترالي مسلم من أصل سوري، التقطته كاميرات الفيديو وهو يعرقل ويشل حركة أحد المهاجمين قبل أن يصاب بجروح. يعتبر ال أحمد رمزًا للوحدة والشجاعة في مواجهة الكراهية والعنف. وقد أشاد به الكثيرون في أستراليا وخارجها لتصرفه السريع والشجاع.
ستشمل الجائزة أيضًا أفرادًا آخرين أظهروا شجاعة استثنائية، مثل بوريس وصوفيا جورمان اللذين تصاديا مع أحد المهاجمين قبل بدء إطلاق النار. على الرغم من جهودهما، قُتل بوريس وصوفيا خلال الهجوم، مما يجعلهما من بين الضحايا الأبرياء.
وفقًا لتقارير إعلامية، قام الأب والابن المتهمان بتنفيذ الهجوم، ساجد أكرم (50 عامًا) ونافيد أكرم (24 عامًا)، بتصوير بيان فيديو يتضمن لغة معادية للسامية وتعبيرات عن الدعم لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). تشير التحقيقات إلى أن الثنائي ربما كان يخطط للهجوم لعدة أشهر.
الآن، يواجه الابن، نافيد أكرم، تهم القتل والإرهاب، بينما لم ينجُ الأب من تبادل إطلاق النار مع الشرطة. تعتبر هذه القضية بمثابة تذكير صارخ بالتحديات المستمرة التي تواجهها أستراليا في مكافحة التطرف والإرهاب.
تأتي هذه التطورات في أعقاب تقارير عن زيادة في النشاط المتطرف في أستراليا، حيث حذر خبراء من عودة ظهور تنظيم داعش وشبكات الجهاديين العالمية. وقد أثارت هذه التقارير مخاوف بشأن الأمن القومي والحاجة إلى تعزيز جهود مكافحة الإرهاب.
الأمن القومي والتعاون المجتمعي هما عنصران أساسيان في استراتيجية الحكومة الأسترالية لمواجهة التطرف. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تعزيز الحوار بين المجتمعات المختلفة وتعزيز التسامح والتفاهم المتبادل. تعتبر هذه الجهود ضرورية لبناء مجتمع أكثر مرونة وقدرة على مقاومة تأثير الأيديولوجيات المتطرفة.
تعتبر قضية مكافحة الإرهاب من القضايا المعقدة التي تتطلب جهودًا متواصلة وتعاونًا دوليًا. تشارك أستراليا بنشاط في التحالف الدولي ضد داعش وتتعاون مع دول أخرى لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الإرهاب. كما أنها تعمل على تعزيز قدراتها الخاصة في مجال مكافحة الإرهاب، بما في ذلك من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والتدريب.
من المتوقع أن تبدأ الحكومة الأسترالية في وضع التفاصيل النهائية للجائزة الوطنية للشجاعة في الأسابيع القليلة المقبلة، مع تحديد معايير الترشيح وعملية الاختيار. من المرجح أن يتم الإعلان عن الفائزين في حفل رسمي سيقام في سيدني في موعد لاحق من هذا العام. يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه الجائزة على الوعي العام بقضايا الشجاعة والبطولة في مواجهة الإرهاب، وما إذا كانت ستشجع المزيد من الأفراد على التقدم لتقديم المساعدة في حالات الطوارئ.
في الوقت الحالي، يركز المجتمع الأسترالي على دعم عائلات الضحايا والشفاء من الصدمة التي خلفها هذا الهجوم المأساوي. تتواصل التبرعات والرسائل التضامنية من جميع أنحاء البلاد والعالم، مما يعكس الإحساس العميق بالحزن والتضامن مع الجالية اليهودية في أستراليا.

