أعربت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، عن شكوكها بشأن مبادرة روسيا الأخيرة لصياغة خطة سلام جديدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، واصفة إياها بأنها مجرد “مراوغة” و”تصريحات جوفاء”. وجددت كالاس التأكيد على ضرورة مشاركة الأوروبيين بشكل كامل في أي مفاوضات سلام مستقبلية، مع التشديد على أن نجاح أي خطة يعتمد على دعم أوكرانيا لها. هذا التصريح يأتي في ظل تقارير متزايدة حول خطة سلام تتضمن 28 بندًا، يُزعم أنها وُضعت بالتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا، دون إشراك أوكرانيا بشكل مباشر.

وتشير التقارير إلى أن هذه المبادرة، التي قادها كيريل ديميترييف، المبعوث الخاص لروسيا، ثم انتقلت إلى ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة، تتضمن شروطًا تعتبر “مُجحفة للغاية” على كييف، بما في ذلك التنازل عن السيطرة الكاملة على منطقة دونباس، والحد من حجم الجيش الأوكراني وترسانته. وتثير هذه الشروط قلقًا بالغًا في الأوساط الأوكرانية والأوروبية، خاصةً وأنها تتجاهل الحقوق السيادية لأوكرانيا.

مخاوف أوروبية من خطة سلام تقودها روسيا والولايات المتحدة

أكدت كالاس، بعد اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل، أن موقف الاتحاد الأوروبي لم يتغير. وأوضحت أن أي خطة سلام يجب أن تحظى بدعم أوكرانيا وأوروبا. وأشارت إلى أن عرض وقف إطلاق النار غير المشروط الذي قدمه الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي كان يمكن أن يكون نقطة انطلاق نحو السلام، لكن روسيا لم تقبله.

وأضافت كالاس أن الاتحاد الأوروبي يلتزم بخطة واضحة تتكون من نقطتين: الأولى، إضعاف روسيا؛ والثانية، دعم أوكرانيا. وتعتبر هذه الخطة الأساس في استراتيجية الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الأزمة الأوكرانية، وتهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة ومنع المزيد من التصعيد.

وعبّر ممثلون أوروبيون آخرون عن شكوكهم حول خطة السلام المقترحة. وأشار رادوسلاف سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي، إلى الحاجة إلى توضيح وضع هذه المقترحات، مؤكدًا أن المعلومات المتوفرة حاليًا تعتمد على تسريبات إعلامية.

من جانبها، قالت ماريا مالمر ستينرغارد، وزيرة الخارجية السويدية، إنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون أوكرانيا، ويجب أن تكون أوروبا على الطاولة”. وأضافت أن هناك الكثير من المحادثات حول مفاوضات مختلفة، مما يعكس التعقيد الذي يكتنف المشهد الدبلوماسي.

الضغط على روسيا بدلًا من أوكرانيا

وفي ردها على سؤال حول مخاوفها من أن تضغط الولايات المتحدة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقبول شروط مجحفة، شددت كالاس على أن “الضغط يجب أن يكون على المعتدي” لإنهاء الغزو. وأوضحت أن روسيا هي التي بدأت الحرب، وغزت دولة أخرى، وترتكب أعمال قتل ضد المدنيين في أوكرانيا.

وأضافت أن أوكرانيا مهتمة بسعي مفاوضات السلام، لكن بثمن لا يعني “التخلي عن بلدك”. هذا التأكيد يعكس الإصرار الأوكراني على الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه، ويرفض أي تنازلات قد تمس هذه الحقوق.

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع نقاش في بروكسل حول استخدام الأصول الروسية المجمدة لتقديم “قرض تعويضات” لأوكرانيا بفائدة صفرية. ويهدف هذا القرض إلى تغطية الاحتياجات العسكرية والمالية لأوكرانيا في السنوات القادمة.

ويُعد هذا الإجراء سابقة من نوعها، وينطوي على مخاطر مالية وقانونية كبيرة. وتصر بلجيكا، التي تحتفظ بمعظم هذه الأصول، على الحصول على ضمانات كاملة ضد أي انتقام من الكرملين.

ومن المرجح أن يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن هذا الموضوع على مستوى القادة. وإذا لم يتم التوصل إلى توافق بحلول نهاية ديسمبر، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى حل مؤقت لتجنب إجراءات تقشفية مؤلمة في الميزانية الأوكرانية.

ترى كالاس أن أحد الأسباب التي تدفع روسيا إلى صياغة خطط سلام جديدة وإظهار “وجه جيد” هو “خوفها” من فقدان الأصول المجمدة. وذكرت أن روسيا لن تتمكن من استعادة هذه الأموال إلا إذا قدمت تعويضات عن الأضرار التي تسبب فيها غزوها الشامل لأوكرانيا.

واختتمت كالاس بالقول إن “قرض التعويضات هو الطريقة الأكثر وضوحًا لدعم الدفاع الأوكراني، كما أنه يظهر لروسيا أن الوقت ليس في صالحها”. وأردفت أن “دعم أوكرانيا هو صفقة رابحة مقارنة بتكلفة انتصار روسيا”.

من المتوقع أن يواصل الاتحاد الأوروبي مناقشة هذه القضايا في الأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول تضمن دعم أوكرانيا وتعزيز الاستقرار في المنطقة. وسيتعين على القادة الأوروبيين التوصل إلى توافق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمدة، ومعالجة المخاوف القانونية والمالية المرتبطة بهذا الإجراء. وسيظل الوضع في أوكرانيا تحت المراقبة الشديدة، مع تقييم مستمر للتطورات السياسية والعسكرية على الأرض.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version