يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تدقيقًا سياسيًا متزايدًا بعد أن بدأت الشرطة البريطانية لمكافحة الإرهاب في تقييم منشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي للناشط المصري البريطاني علاء عبد الفتاح، والذي رحب به رئيس الوزراء علنًا عند عودته إلى بريطانيا بعد إطلاق سراحه من السجن في مصر. أثارت هذه القضية جدلاً واسعًا حول إجراءات التدقيق الحكومية وتأثيرها المحتمل على العلاقات الدولية.

اعتذر عبد الفتاح هذا الأسبوع بعد الكشف عن منشورات مثيرة للجدل نُشرت بين عامي 2008 و 2014، تضمنت تصريحات تؤيد العنف ضد “الجنود الأمريكيين والصهاينة والشرطة”. وقد ظهرت هذه المنشورات بعد عودته مباشرة إلى المملكة المتحدة، مما أثار ردود فعل سياسية عنيفة ومراجعة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك تغريدة كتبها: “من وقت لآخر أذكر الناس بأنني أفرح بمقتل الجنود الأمريكيين، وأدعم قتل الصهاينة، وحتى المدنيين”.

الجدل حول تهيئة كير ستارمر لعلاء عبد الفتاح

عاد عبد الفتاح إلى بريطانيا في يوم عيد الصندوق (Boxing Day) بعد أن حصل على عفو من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وكان ستارمر قد دعا علنًا إلى إطلاق سراحه ووصف القضية بأنها أولوية لحكومته، معربًا عن “سعادته” بوصول عبد الفتاح إلى البلاد. ومع ذلك، أدان ستارمر لاحقًا المنشورات التاريخية ووصفها بأنها “مروعة للغاية”.

صرح متحدث رسمي باسم شرطة مكافحة الإرهاب بأن السلطات تلقت العديد من الإحالات العامة المتعلقة بمنشورات عبد الفتاح القديمة وأنها تخضع الآن للتقييم من قبل ضباط متخصصين داخل وحدة الإحالة بالإنترنت لمكافحة الإرهاب (CTIRU)، وفقًا لما ذكرته قناة جي بي نيوز (GB News).

تتضمن المنشورات التي تخضع للمراجعة مواد يُزعم فيها أن عبد الفتاح وصف مقتل الصهاينة بأنه “بطولي” وبدا أنه يدعو إلى العنف ضد الشرطة. ويُزعم أن أحد المنشورات نص على “نحن بحاجة لقتل المزيد منهم”. ويزعم منشور آخر أنه كتب: “على فكرة، أنا عنصري، لا أحب البيض لذا ابتعِدوا”.

مراجعة داخلية لفشل المعلومات

أمرت وزيرة الخارجية يافيت كوبر بإجراء مراجعة عاجلة لما وصفته بـ “فشل كبير في المعلومات” في القضية، وأكدت أنها وستارمر لم يتم إطلاعهما على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي قبل وصول عبد الفتاح إلى بريطانيا. وقالت كوبر إنها “تأسف بشدة” للترحيب العام من قبل الحكومة، وأنه “أضاف إلى الضيق الذي شعرت به الجاليات اليهودية في المملكة المتحدة”.

ينتقد نواب المعارضة التهيئة العلنية لعبد الفتاح، مشيرين إلى أن الحكومة فشلت في التحقق من خلفيته بشكل كافٍ قبل الترحيب به. ووفقاً لـ GB News، وصف روبرت جنريك، عضو البرلمان المحافظ، الاعتذار بأنه “مكتوب وزائف”، ودعا إلى إبعاد عبد الفتاح عن بريطانيا.

تعود معظم المواد التي تخضع للتدقيق الآن إلى الفترة بين عامي 2010 و 2012، وهي الفترة التي كان فيها عبد الفتاح شخصية نشطة في حركة الاحتجاج المصرية التي مهدت الطريق لتولي جماعة الإخوان المسلمين السلطة بقيادة الرئيس محمد مرسي. هذا السياق التاريخي مهم لفهم دوافعه في ذلك الوقت.

في اعتذاره، قال عبد الفتاح إن المنشورات تعكس “تعبيرات عن غضب وإحباط شاب في وقت الأزمات الإقليمية”، بما في ذلك الحروب في العراق ولبنان وغزة، وتصاعد وحشية الشرطة في مصر. وأقر بأنه “كان يجب أن يعرف بشكل أفضل” وأعرب عن أسفه. وقد أثيرت تساؤلات حول مدى صدق هذا الاعتذار.

تبعات القضية والرقابة المستقبلية

تعتبر هذه القضية اختبارًا للحكومة البريطانية في الموازنة بين دعم حقوق الإنسان والانخراط مع الناشطين الذين لديهم تاريخ من التصريحات المثيرة للجدل. كما تسلط الضوء على أهمية إجراءات التحقق الدقيق قبل منح الدعم الدبلوماسي أو الاعتراف الرسمي. قد يؤثر هذا الحادث على بروتوكولات التدقيق الحكومية في المستقبل. الكلمة المفتاحية الرئيسية في هذه القضية هي علاء عبد الفتاح، وتظهر أهمية السياق السياسي والذي أدى إلى إثارته.

تستمر التداعيات السياسية لهذا الأمر في التفاقم، حيث يتساءل النقاد عن مدى الفحص الذي خضع له عبد الفتاح قبل الترحيب به. هذه القضية تثير أيضًا أسئلة حول السيادة الوطنية (National sovereignty) و سيادة القانون (Rule of Law) في البلاد. نظراً لردود الأفعال القوية، يبدو أن الحكومة البريطانية ستضطر إلى إظهار مزيد من الحزم في التعامل مع القضايا المماثلة في المستقبل.

من المتوقع أن تُقدم وزيرة الخارجية يافيت كوبر تقريرًا عن مراجعة “فشل المعلومات” إلى البرلمان بحلول نهاية الشهر. في الوقت ذاته، من المرجح أن تواصل شرطة مكافحة الإرهاب مراجعتها لمنشورات عبد الفتاح القديمة، مع عدم وجود جدول زمني واضح لإصدار قرار نهائي بشأن وضعه القانوني. سيراقب المراقبون عن كثب رد فعل الحكومة البريطانية، وكذلك أي تطورات أخرى في هذه القضية الحساسة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version